أضواء على التشريع المصري
افتتاحية العدد
تماشياً مع التغيرات الاقتصادية التي تمر بها مصرنا الحبيبة، في انخفاض سعر العملة مقارنة بالعملات الأجنبية، فقد عمد المشرع المصري إلى مواكبة هذه التغيرات من خلال إدخال تعديلات على الاختصاص القيمي للمحاكم بموجب القانون 157/2024 بشأن تعديل بعض أحكام قانون المرافعات والخاصة بتعديل النصاب القيمي للمحاكم. حيث يساهم هذا التعديل في حسم المنازعات سريعاً، فضلاً عن تخفيف العبء على درجات المحاكم العليا، إذ جعل النصاب القيمي لاختصاص المحكمة الجزئية بالدعاوى التي تقل قيمتها عن مائتي ألف جنيهاً، ويكون حكمها انتهائياً في الدعاوى التي لا تجاوز قيمتها ثلاثون ألف جنيهاً، والنصاب القيمي للمحاكم الكلية
للدعاوى التي تجاوز قيمتها مائتي ألف جنيهاً، ويكون حكمها انتهائياً في الدعاوى التي لا تجاوز قيمتها مائتي ألف جنيهاً. كما تم مضاعفة نصاب الطعن على أحكام الاستئناف أمام محكمة النقض ليكون خمسمائة ألف جنيهاً بدلاً من مائتي وخمسون ألف جنيهاً، فضلاً عن عدم قبول الطعن بالاستئناف في المناقصة إلا إذا كان المبلغ المتنازع عليه يزيد عن ثلاثين ألف جنيهاً. وقد نص التعديل على بدء العمل به اعتباراً من أول أكتوبر القادم.
كما تم تعديل قانون المحاكم الاقتصادية بموجب القانون 156/2024 الخاص بتعديل بعض أحكام المحاكم الاقتصادية، رغبةً من المشرع في استمرار إرساء دعائم غرس الثقة في الاقتصاد المصري لدى كل من المستثمر المصري والأجنبي على حد سواء والعمل على جلب رؤوس الأموال إلى مصر، وما يترتب عليها من انتعاش للاقتصاد وفتح آفاق ومجالات في سوق العمل، وتلك الغاية كانت الدافع لإنشاء المحاكم الاقتصادية منذ عام 2008، وهي محاكم متخصصة تم إنشائها لتكون مختصة بجميع المنازعات الناشئة عن القوانين الاقتصادية والتجارية والمالية والمنصوص عليها بهذا القانون، إذ أن المشرع على يقين بأن العدالة أذا تأخر الوصول إليها تفقد قيمتها وأهميتها، ومن هنا كانت رغبة المشرع في وجود سرعة الفصل في المنازعات التي تثور بخصوص تلك القوانين، ولهذا كان التعديل الوارد بالقانون 156/2024 بتعديل قانون المحاكم الاقتصادية والذي عمد فيه المشرع إلى إنشاء دوائر جنايات اقتصادية “كمحاكم درجة أولى” وهي تختص بنظر الجنايات المسندة إلى المحاكم الاقتصادية” ويتم تشكيلها من ثلاثة من قضاة الاستئناف، يكون أحدهم بدرجة نائب رئيس”، وكذا تم إنشاء دوائر جنايات اقتصادية مستأنفة” تشكل من ثلاثة من قضاة الاستئناف يكون أحدهم على الأقل بدرجة رئيس بالاستئناف”. وتكون الدوائر الابتدائية مختصة بالجنح فقط، والاستئناف عليها يكون أمام الدوائر الاستئنافية القائمة لهذا الغرض. هذا فضلاً على أن التعديل قد رفع الحد الأقصى لقيمة المنازعات التي تنظر أمام المحاكم الابتدائية ليكون خمسة عشر مليون جنيهاً بدلاً من عشرة ملايين، ويكون الحكم الصادر أمام الدوائر الابتدائية انتهائياً حال عدم تجاوز قيمة الدعوى سبعمائة وخمسون ألف جنيهاً. ونص التعديل أيضاً على اختصاص الدوائر الاستئنافية بالنظر الابتدائي في المنازعات التي تجاوز قيمتها خمسة عشر مليون جنيهاً، أو إذا كانت الدعوى غير مقدرة القيمة. ونص التعديل أيضاً على أن هذه التعديلات تسري على جميع المنازعات التي تدخل ضمن اختصاص المحاكم الاقتصادية، وأنه يعمل بهذا التعديل اعتباراً من اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية.
ونرى أن ما قام به المشرع من تعديلات على هذا النحو هو أمر يحمد له، حيث أن القانون يجب أن يكون مرآةً عاكسةً للحالة الاقتصادية التي تمر بها الدولة.
المؤسس والشريك المدير
الدكتور أشرف محمد الفيشاوي