السندات الخضراء
مقدمة:
-تواجه البشرية في هذا العصر العديد من التحديات والصعوبات ولعل أهم تلك التحديات المثارة الاحتباس الحراري وأزمة التغييرات المناخية وتداعيتها على العديد من القطاعات الرئيسية والتي يأتي على رأسهم قطاع الزراعة إذ يُعد من أكثر القطاعات تأثيراً في الاقتصاد المصري بتلك الأزمة المناخية التي تمر بها مصر، ومن ثم فإنه للأهمية القصوى لتلك التحديات التي تواجها البشرية كان لابد من محاربتها، وذلك عن طريق التوجه إلى استبدال الطاقة التي تعتمد على الوقود الأحفوري باستخدام الطاقة الخضراء، حيث أن تلك الطاقة صديقة للبيئة كونها تقلل من نسب التلوث بالجو إذ أنها تتجدد بصفة مستديمة وبصورة طبيعية كون مصدرها الأساسي الطبيعة كالإشعاع الشمسي والرياح والمياه، وهذه الطاقة الخضراء يتم استخلاصها عن طريق مشاريع ضخمة بحاجة للتمويل المادي ومن هنا نشأ ما يسمى بالسندات الخضراء والتي هي عبارة عن أحد الأوراق المالية التي تلعب دوراً فعال في مواجهة تلك الأزمات المناخية، وعليه ينبغي التطرق إلى إيضاح ماهية تلك السندات ودورها الفعال في الحفاظ على البيئة كما يلي:
أولاً: تعريف السندات الخضراء:
يُعرف البنك الدولي السندات الخضراء على أنها:
” صكوك استدانة تصدر للحصول على تمويل يختص بالمشاريع المستدامة المتعلقة بالبيئة والمناخ، وذلك تشجيعاً على الحفاظ على البيئة، مثل مشاريع الطاقة النظيفة، والحفاظ على المناخ، والإدارة المستدامة للنفايات، وغيرها، كما تختلف السندات الخضراء عن غيرها من السندات في أنها تخلق التزاماً بإنفاق التمويل الناتج عنها في المشاريع الخضراء.”
– وفي عام 2008 أصدر البنك الدولي لأول مرة السندات الخضراء[1]، بهدف تمويل تلك المشروعات المرتبطة بشكل وثيق بأهداف التنمية المستدامة والتي تُعد أهم أهدافها القضاء على الفقر وحماية الكوكب من تلك الأزمات المناخية، وهذا السند كان هو الأساس الذي على سنده تم وضع مخططاً اليوم لنموذج سوق السندات الخضراء، إذ تضمن هذا النموذج تحديد المعايير الواجب توافرها في المشروعات كي تتمكن من الحصول على مساندة من خلال تلك المسندات.
– وعلاوة على ذلك فإن دولة أوروبا كانت أول المصدرين لتلك السندات والتي يتم الإشارة إليها أيضاً بمصطلح “روابط المناخ”، إذ قام بنك الاستثمار الأوروبي في الخامس من يوليو لعام 2007 كما سبق البيان في إصدار البنك الدولي لتلك السندات، بإصدارها لتمويل المشروعات المرتبطة بشكل وثيق بأهداف التنمية المستدامة والتي تتضمن على سبيل المثال لا الحصر في الحصول على طاقة نظيفة فضلاً عن العمل المناخي.
– ووفقاً للدليل الإسترشادي الصادر عام 2021 من الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية والذي قام بتعريف السند الأخضر على أنه ورقة مالية تُمثل أداة دين على الجهة المصدرة تُخصص حصيلتها لتمويل وإعادة تمويل المشروعات الخضراء الصديقة للبيئة فهي سندات تصدرها الشركات والجهات والهيئات المصرية، والشركات والمؤسسات الأجنبية[2] لتمويل المشروعات داخل مصر وتخصيص حصيلتها لتمويل المشروعات الخضراء الصديقة للبيئة، فضلاً عن أنه يُطبق عليها ذات الأحكام المنظمة لإصدار السندات بقانون سوق رأس المال ولائحته التنفيذية.
– وقد قامت اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأسمال وفقاً لآخر تعديل بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (3456) لسنة 2022 بتعريف سندات المناخ على أنها أحد أنواع السندات التي تخصص حصيلتها لتمويل وإعادة تمويل المشروعات الصديقة للبيئة بغرض تقليل الانبعاثات الكربونية والتخفيف من آثار تغير
المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري، ويشترط لإصدار هذه السندات إعداد تقرير من مراقب بيئي معتمد للوقوف على مدى وفاء السندات المصدرة بمتطلبات معايير سندات للمناخ.
– ومن الجدير بالذكر إلى أنه في شهر سبتمبر عام 2020 نجحت وزارة المالية المصرية في إصدار أول طرح للسندات الخضراء السيادية الحكومية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيمة 750 مليون دولار أمريكي لأجل خمس سنوات بسعر عائد 5.25% بما يضع مصر على خريطة التمويل المستدام[1]، وعلى الجانب المقابل فإنه فيما يتعلق بالسندات الغير سيادية فقد أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية المصرية في شهر يونيو عام 2021 عن موافقتها على أول إصدار من تلك السندات الخضراء للشركات في مصر بقيمة 100 مليون دولار أمريكي للبنك التجاري الدولي مصر بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية، حيث أنه سيتم توجيه حصيلة الإصدار لتمويل مشروعات بيئية من شأنها استعمال الطاقات النظيفة والتخفيف من العوامل التي قد تؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض في عدد من المشاريع الخضراء القائمة بما في ذلك المباني الخضراء والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة ضمن محفظة الإقراض للبنك[2].
ثانياً: مميزات السندات الخضراء:
– تتمتع السندات الخضراء بعدة خصائص تميزها عن غيرها من السندات التقليدية، حيث أن التمويل الناتج عنها يتم إنفاقه في إطار محدد ألا وهو المشاريع الخضراء ولا يجوز للمُصدر أن ينفق التمويل المتحصل عليه من تلك السندات في أي مشاريع أخرى، فضلاً عن كونها تمتاز بطول مدة سدادها إذ أن طبيعة تلك المشاريع الخضراء هي مشاريع طويلة الأجل، بالإضافة إلى إمتيازها بانخفاض نسبة الفائدة عليها.
ثالثاً: أمثلة على المشاريع الخضراء:
· مشروعات الطاقة المتجددة | · مشروعات التحكم في التلوث ومنعه |
· مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية | · مشروعات المباني الخضراء |
· مشروعات استخدام الطاقة بكفاءة | · مشروعات النقل النظيفة |
رابعاً: إجراءات إصدار السندات:
– فيما يتعلق بإجراءات إصدار السندات الخضراء فقد نصت اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال وفقاً لأخر تعديل تم بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (3456) لسنة 2022[1] على أن إجراءات إصدار السندات المتعلقة بمجالات التنمية المستدامة ومن ضمنها السندات الخضراء عملاً بالمادة (35 مكرر فقرة 5)، تتمثل في:
- الحصول على موافقة الهيئة.
- اختيار أحد بنوك الاستثمار المرخص له من الهيئة والمروجين.
- الحصول على تصنيف ائتماني بمراعاة أحكام المادة (34) من هذه اللائحة.
- إصدار تقرير من أحد مراقبي الحسابات المستقلين المقيدين لدى الهيئة بشأن توافق المشروعات المستهدفة مع الغرض من الإصدار وكذا تقرير من إحدى المؤسسات الاستشارية المستقلة حال كون السندات المصدرة متعلقة بالبيئة.
- تسعير السندات وتحديد العائد عليها.
خامساً: الجهات المسموح لها بإصدار السندات:
– طبقاً للائحة سالفة البيان يجوز بموجب المادة (4) إصدار السندات المشار إليها بالمادة (35 مكرراً4) عن طريق تلك الجهات:
1- الشركات والجهات والهيئات المصرية.
2-الشركات والمؤسسات الدولية والإقليمية إذا كان إصدار السندات لتمويل مشروعات داخل مصر.
سادساً: المشروعات المستهدفة بالتمويل من حصيلة السندات
– فوفقاً للمادة (35 مكرراً 5) من اللائحة التنفيذية سالفة الذكر تتمثل تلك المشروعات المتعلقة بمجالات التنمية المستدامة في:
1- قضايا تمكين المرأة في كافة المجالات والمساواة بين الجنسين.
2-البنية التحتية الأساسية بتكاليف ميسرة (كمياه الشرب النظيفة والصرف الصحي والنقل والطاقة).
3-الوصول إلى الخدمات الأساسية (ومن بينها التعليم والتدريب المهني والرعاية الصحية والتمويل والخدمات المالية).
4- توفير السكن بأسعار معقولة.
5- خلق فرص العمل والبرامج المصممة للحد من البطالة.
6- الأمن الغذائي والنظم الغذائية المستدامة.
7- مواجهة الأوبئة والجوائح الصحية.
8- تحسين استدامة الموارد المائية والحياة البحرية، والحفاظ على الشواطئ الساحلية، والسياحة البحرية، وأنشطة صيد الأسماك والكائنات البحرية، واستخراج المواد الخام من البحار.
– ومما سبق يتضح الأهمية الكبرى للسندات الخضراء كونها تتيح الفرصة للاستثمار الأجنبي سواء أكان هذا الاستثمار بشكل عام أم بشكل خاص، إذ أنها تفتح المجال لجلب شريحة جديدة من المستثمرين من القطاع الذي يقوم بالتركيز على التنمية المستدامة، وكذا المعايير البيئية والاجتماعية التي من شأنها إحداث مشروعات أكبر وتنمية حقيقية لنمو الاقتصاد المصري على ضوء “رؤية مصر 2030″، والتي تقوم بإعطاء الأولوية لمشروعات الاستثمار الأخضر.
[1] باحث قانوني بمكتب الفيشاوي والشاذلي للمحاماة والتحكيم والاستشارات القانونية.
[1] باحث قانوني بمكتب الفيشاوي والشاذلي للمحاماة والتحكيم والاستشارات القانونية.
[1] وفقاً لما ورد بالمادة (35) مكرر (3) من اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992
[1] وزارة المالية تعلن إصدار أول طرح من السندات الخضراء بقيمة 750 مليون دولار – اليوم السابع (youm7.com)أخر زيارة 22/10/2022
[1] الهيئة العامة للرقابة المالية –الموافقة على أول إصدار من السندات الخضراء في سوق رأس المال في مصر لإحدى الشركات بقيمة 100 مليون دولار – الأربعاء 30/6/2021 – (fra.gov.eg)-أخر زيارة 23/10/2022
– أخر زيارة 23/10/2022