بحث قانوني مُتعلق بالأسهم الغير مُقيدة بالبورصة

بحث قانوني مُتعلق بالأسهم الغير مُقيدة   بالبورصة

أ/ ياسمين عبد السلام

تثير الأسهم العديد من المشكلات العملية، وذلك من حيث نقل ملكيتها وقيدها، ولعل من أهم المشكلات المثارة هى بيع الأسهم بموجب عقد إبتدائى دون إتباع الإجراءات المقررة لنقل الأسهم رسمياً، أو ما يُعرف بالأسهم غير المقيدة، حيث يطرح السؤال هنا ما مدى قانونية ذلك؟ وما موقف المشترى؟ وكيف يمكن الحفاظ على حقوقه؟، ولعل الإجابة على هذه الأسئلة تقودنا إلى تناول الموضوع من خلال البحث في النصوص القانونية، وأحكام القضاء، وموقف الفقه، وذلك فيما يلي: _

  -أولاً تعريف الأسهم وإجراءات قيدها 

يُقصد بالأسهم غير المُقيدة الأسهم التي لم يتم التقدم بطلب لقيدها بالبورصة أو لا تستوفي معايير وشروط القيد بالبورصة، وتوفر البورصة المصرية آلية لنقل الملكية للأوراق المالية غير المُقيدة في السوق الرئيسي للبورصة المصرية، ويتم الإعلان عن التعامل، وإثبات نقل الملكية خارج المقصورة على الأوراق المالية غير المقيدة بجداول الأوراق المالية المصرية، وذلك في ضوء المادة 17 من قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 والمادة 99 و100 من لائحته التنفيذية.

– إذ تنص المادة (17) من القانون سوق رأسمال رقم 17 لسنة 2018 على أنه:

“لا يجوز تداول الأوراق المالية المُقيدة في أية بورصة خارجها وإلا وقع التداول باطلاً، ويصدر مجلس إدارة الهيئة قراراً بقواعد وإجراءات التعامل على الأوراق المالية غير المُقيدة بجداول البورصات المصرية وإجراءات نقل ملكيتها وعلى البورصة أن توافي الهيئة بالبيانات والتقارير الدورية التي تحددها اللائحة التنفيذية.”

–  ونصت المادة (99) من اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون سوق رأسمال رقم (17) لسنة 2018:

“تقوم كل بورصة بقيد العمليات التي تُخطر بها عن تداول الأوراق المالية غير المُقيدة لديها، ويتم القيد بالبيانات المُشار إليها في المادة السابقة.”

– كما تنص المادة (100) من اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون سوق رأسمال رقم (17) لسنة 2018:

“تنتقل ملكية الأوراق المالية الأسمية المُقيدة بإتمام قيد تداولها بالبورصة بالوسائل المُعَدة لذلك، ويصدر مجلس إدارة الهيئة قراراً بقواعد وإجراءات التعامل على الأوراق المالية غير المُقيدة بجداول البورصات المصرية، وإجراءات نقل ملكيتها.”

– ومفاد هذه النصوص أن التداول الخاص بالأوراق المالية يتم فقط في شركة المقاصة، وفيما يتعلق بالأوراق المالية الغير مُقيدة يقوم مجلس إدارة الهيئة بإصدار القواعد والإجراءات الخاصة بها وبنقل ملكيتها، وفي حالة مُخالفة أحكامهذه المادة يترتب عليه ضرورة تداول الأسهم المُقيدة في البورصة داخلها، وإلا تعين شطب هذه الأسهم من جداول البورصة.

– إذ أن البورصة تقوم بقيد العمليات التي تُخطر بها من قِبل الشركة المفوضة والتي تتمثل فى شركة السمسرة على الأغلب، وذلك فيما يتعلق بالأوراق المالية الغير مُقيدة بالبورصة التي قامت بها شركة السمسرة، وذلك عند قيامها بإخطارها بها في ذات الوقت الذي حدثت به عملية القيد بين البائع والمُشتري. وهذا ما يستتبع قيام شركة السمسرة بإخطار قيد العمليات التي قامت بها بين البائع والمُشترى، ومن ثم يصدر قرار من مجلس إدارة الهيئة على التعامل على الأوراق المالية غير المُقيدة بجداول البورصة.

 ثانياً: إثبات نقل المكلية وتداول الأسهم غير المقيدة بالبورصة: –

– تنص المادة (15) من قانون رأسمال رقم (17) لسنة 2018، إذ نصت على أنه: –

” تنتقل ملكية الأوراق المالية الأسمية المُقيدة بإتمام قيد تداولها بالبورصة بالوسائل المُعدة لذلك، وبالنسبة للأوراق المالية الأسمية غير المُقيدة فيتم نقل ملكيتها بقيدها وفقاً للمادة السابقة، ويُحرر لصاحب الشأن ما يُفيد تمام انتقال الملكية، وبالنسبة للأوراق المالي لحاملها يتم نقل ملكيتها بانتقال حيازتها، وعلى إدارة البورصة إخطار الجهة مُصدرة الورقة بانتقال ملكيتها خلال ثلاثة أيام من تاريخ القيد، وعلى هذه الجهة إثبات نقل الملكية بسجلاتها خلال أسبوع من إخطارها بذلك.”

– كما نصت (120) من اللائحة التنفيذية لقانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 على أن:

” إذا انتقلت ملكية الورقة المالية بطريق الإرث أو الوصية وُجب على الوارث أو الموصي له أن يطلب قيد نقل الملكية في السجلات المُشار إليها، وإذا كان نقل ملكية الورقة المالية تنفيذاً لحُكم نهائي جرى القيد في السجلات على مُقتضى هذا الحُكم، وفي جميع الأحوال يؤشر على الورقة المالية بما يُفيد نقل الملكية باسم من انتقلت إليه.”

– وتطبيقاً لذلك قرار رئيس البورصة المصرية بتاريخ 29 أغسطس 2007 بإلغاء ثلاث عمليات تداول كانت قد تمت في سوق الأوامر (سوق الصفقات) خارج البورصة في 18 يوليو 2005، 18 أغسطس 2005، 17 نوفمبر 2006 على أسهم شركة واحدة؛ لأن الشركة المُصدرة للأسهم كانت مُقيدة بجداول البورصة منذ 8 ديسمبر 2004؛ أي قبل تنفيذ العمليات، فاِعتُبِرَ أن تنفيذها تم بالمُخالفة لأحكام المادة 17 المذكورة سلفاً، وقد تم إلغاء التعاملات على هذه الأسهم برغم إصدار البورصة شهادات نقل ملكية الأسهم إلى الشركة المُصدرة.[1] 

– ومما سبق كله يتضح أن هناك واجب يقع على الشركة متمثل فى نقل ملكية السهم إلى المُتنازل إليه خلال مدة محدده من تاريخ إخطارها بورقة التنازل، وحال قيد التنازل في سجلات الشركة، يُصبح المُتنازل إليه هو المُساهم في مواجهة الشركة والغير، وله كامل الحقوق التي يتمتع بها المُساهم (حق التصويت- والحصول على نسبة من الأرباح – ونسبة من الموجودات حال تصفية الشركة)، كما يقع عليه الالتزامات المُترتبة على كونه مُساهماً في الشركة.

– والأصل في إثبات نقل ملكية الأوراق المالية يتم بُناء على تداول الأوراق بآليات ونظم التداول المُعتمدة سواء كانت مُقيدة بسوق مُنظم أو غير مُقيدة، وقبل صدور قانون رأس المال كان إثبات نقل الملكية مسئولية الشركات مُصدرة تلك الأوراق بالقيد بسجلات المُساهمين بها والتأشير بذلك على ظهر الصك أو الشهادة المؤقتة بجداول التنازلات، وهذا الإثبات والتأشير كان يتم بناء على حُكم المادة 120 من لائحة القانون 159 لسنة 1981 والتي نصت على هذا الإثبات بمُراعاة الأحكام القانونية المُقررة للتداول، وبُناء على ذلك كان هذا الإثبات يتم بُناء على فاتورة صادرة للمُشتري من أحد سماسرة البورصة المُرخص لهم وفق أحكام اللائحة العامة للبورصات.[2]

– وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إذا كان عدم إتمام الإجراءات وفقاُ للنصوص السابقة يرتب عدم سريان النقل فى مواجهة الغير، إلا أن الأمر بين أطراف الاتفاق يخضع للقواعد العامة بشأن الإثبات وقوة المحررات العرفية، إذ تنص المادة (15) من قانون الإثبات على أنه:

” لا تكون للمُحرر العُرفي حُجية على الغير في تاريخه إلا مُنذ أن يكون له تاريخ ثابت ويكون للمُحرر تاريخ ثابت: (1) من يوم أن يُقيد بالسجل المُعد لذلك. (2) من يوم أن يُثبت مضمونها في تاريخ ورقة أخرى ثابتة بالتاريخ. (3) من يوم أن يؤشر عليها موظف عام مُختص. (4) من يوم وفاة أحد ممن لهم على الورقة أثر مُعترف به من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، أو من يوم أن يُصبح مُستحيلاً على أحد من هؤلاء أن يُكتب أو يُبصم لعله في جسمه. (5) من يوم وقوع أي حادث آخر يكون قاطعاً في أن الورقة قد صدرت قبل وقوعه.”

 – ومفاد ذلك أن العقد يظل صحيح بتوافر أركانه الموضوعية المُتمثلة في الرضا والمحل والسبب، ومن ثم فإن أثار هذا العقد تنصرف إلى المُتعاقدين فقط، وقد قضت محكمة النقض المصرية فى الطعن رقم 2090 لسنة 80 ق، جلسة 28 يناير 2013 في ذلك: “بأنه إذا لم يقدم الطاعن دليلاً على قيد الأسهم، محل التصرف، في جداول البورصة، فلا يُمكن التمسك ببطلان التصرف في الأسهم التي تمت خارج البورصة بسبب عدم إجراء البيع عن طريق البورصة؛ إذ أن بيع الأسهم داخل المقصورة هنا لا يُعد من مُتطلبات النظام القانوني لتداول الأسهم”

 – وممما سبق كله يمكن القول إن التعامل على الأوراق المالية غير المقيدة يمكن أن يتم من خلال وسيلتين هما:

 أ- آلية القبول الألى للأوامر (آلية الأوامر): يتم من خلالها التعامل على الأوراق المالية المصدرة من الشركات المشطوبة من جداول البورصة حتى يّمكن المساهمين التخارج في حالة الرغبة في ذلك، ولا تنطبق على هذه التعاملات قواعد الإفصاح والحوكمة التي تلتزم بها الشركات المقيدة، مما يزيد من درجة المخاطر عند الاستثمار في أوراق هذه الشركات فضلاً عن عدم وجود سعر إقفال للورقة يتحدد في نهاية كل جلسة تعامُل.

 ب- آلية نقل الملكية (الصفقات سابقًا): يتم فيه تنفيذ الصفقات المتفق عليها مسبقًا من قِبل العملاء وتقوم البورصة بالإعلان عن هذه الصفقات بعد تنفيذها، حيث تقوم شركات السمسرة في الأوراق المالية بإخطار إدارة خارج المقصورة بالبورصة.

 – وتنتقل الملكية بالقيد الدفتري بواسطة شركة مصر للمقاصة والإيداع والقيد المركزي في حالات الإرث أو الوصايا أو تنفيذاً للأحكام القضائية النهائية، حيث إن تلك الحالات تتعلق في حقيقة الآمر بواقعة مادية غير إرادية، لم تتجه فيها إرادة الشخص للقيام بعملية، بمعنى آخر، حالات الإرث أو الوصية أو الحُكم النهائي، لا تُمثِل تداول من الناحية القانونية أو الفنية، وعلى ذلك استثنائها المُشرع من التداول داخل البورصة وخصها بالقيد الدفتري.[3]

 – أما الأسهم الغير مُقيدة في البورصة، فيتم تداولها في سوق نقل الأوامر، وهو سوق يختص بمُراجعة واعتماد ونقل ملكيات عمليات البيع والشراء للأسهم التي تتم بين مُتعاملين خارج مقصورة البورصة، وإذا كانت هذه الأسهم محفوظة مركزياً، ويتم إخطار شركة مصر للمقاصة بنقل ملكية الأسهم التي تمت على هذه الأسهم لمنع تعدد التعاملات التي تتم عليها.[4]

 – ويتم نقل ملكية الأسهم الغير مُقيدة بالبورصة خلال سجل الملكية الذي تحتفظ به الشركة في مقرها الرئيسي بناءً على إقرار يُقدم إلى الشركة يتضمن اتفاق المتنازل والمتنازل إليه عن السهم، موقعاً عليه من كل منهما أو من ينوب عنهما، ولا يقتصر إجراء التنازل هذا على السهم، بل يسري هذا الإجراء على الشهادات المؤقتة التي يتسلمها المُكتتب حين الاكتتاب، ويُمكنه استبدالها فيما بعد بأسهم عادية.[5]

– ومفاد ذلك أن الأسهم غير المُقيدة تنتقل ملكيتها إلى المُتنازل إليه بموجب عقد صحيح ناقل للملكية، ويُتمم هذا العقد إخطار إدارة البورصة للشركة مُصدرة الأسهم بنقل الملكية، ويُعد هذا الإخطار حُجة في يد من انتقلت إليه الأسهم في مواجهة الغير، وهنا يجب أن نذكُر أن عقد بيع الأسهم والأوراق المالية غير ناقل للملكية، ولكنه يُرتب حقوقاً والتزامات بين طرفيه، كما أن الحيازة المادية للسهم لا تُشكل دليلاً كافياً لنقل ملكية السهم.

[1] د. محمد إسماعيل هاشم، أسواق الأوراق المالية والبورصة المصرية، المرجع السابق، ص 181-182

[2] مبادئ القانون التجاري الأعمال التجارية- التجار- الشركات التجارية – في ضوء قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 وقانون الشركات – الأستاذ الدكتور حمدي عبد الرحمن – الدكتور ياسين الشاذلي – طابعة دار النصر 2013- صفحة 248

[3] مبادئ القانون التجاري الأعمال التجارية- التجار- الشركات التجارية – في ضوء قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 وقانون الشركات – الأستاذ الدكتور حمدي عبد الرحمن – الدكتور ياسين الشاذلي – طابعة دار النصر 2013