أضواء حول مشروع قانون العمل الجديد
المقدم من الحكومة والمعروض حاليا على مجلس النواب بعد موافقة مجلس الشيوخ
ا. د. السيد عيد نايل
أستاذ القانون المدني بحقوف عين شمس
مقدمة :
– لا شك أن قانون العمل من أهم القوانين المؤثرة في المجتمع وتظهر أهميته في أنه يقيم التوازن بين مصالح العمال ومصالح أصحاب الأعمال وتحسين حال العمال وضمان المعاملة العادلة لهم مما يؤدي إلى إزالة أسباب القلق والتوتر الاجتماعي بما يحقق الاستقرار والأمن وإشاعة العدالة الاجتماعية في المجتمع.
-وهذا القانون نشأ أصلا لحماية الطرف الضعيف في عقد العمل وهو العامل، وأساس تطبيق هذا القانون هو وجود علاقة عمل بين شخص طبيعي يعمل لحساب شخص خاص وتحت إدارته وإشرافه مقابل أجر. ورابطة التبعية هي المعيار الذي يميز علاقة العمل عن غيرها من العلاقات وهي أساس وجود سلطة تأديبية
لصاحب العمل على العامل تحت رقابة القضاء، فرقابة القضاء تأتى لاحقة للقرارات التأديبية التي يتخذها صاحب العمل. ونظراً لأن العامل الخاضع لتطبيق هذا القانون يعمل في مشروع خاص مملوك لصاحب عمل خاص فالمبدأ هو عدم جواز الزام صاحب عمل على استخدام عامل لا يرغب في استخدامه . ونظراً لأن العمل هو فعل إرادي من العامل يتعلق بحريته الشخصية فلا يجوز إجبار العامل على عمل لا يرغب في العمل فيه. لذلك فإن الفصل التعسفي للعامل أو انهاء عقد عمله غير محدد المدة إنهاء تعسفياً لا يترتب عليه صدور الحكم بإعادته إلى عمله جبراً عن صاحب العمل بل يقتصر الأمر في النهاية على إلزام صاحب العمل بالتعويض إلا إذا كان الفصل لأسباب نقابية.
– والغرض الرئيسي من إصدار قانون العمل هو حماية العامل فيما يتعلق بإبرام العقد وآثاره وانقضاؤه وتسهيل التقاضي وإعفائه من رسوم ونفقات التقاضي ومن ثم فإن أي نص أفضل مما ورد بقانون العمل يتم العمل به سواء ورد في قانون أو لائحة أو عقد من العقود.
– وحالياً يحكم علاقات العمل في جمهورية مصر العربية القانون رقم 12 لسنة 2003 وهذا القانون من القوانين الجيدة إلا أنه ظهرت به بعض العيوب تثير مشاكل أحيانا للعمال أو لأصحاب الاعمال وتؤثر على عملية الإنتاج. فهل تلافي مشروع القانون الجديد الذي قدمته الحكومة للبرلمان ووافق عليه مجلس الشيوخ وهو حالياً أمام مجلس النواب هذه العيوب هذا ما أجيب عليه من وجهة نظري ببيان مزايا المشروع وعيوبه.
أولاً: مزايا المشروع:
- تأكيد المشروع على الطابع الحمائي للعامل لقواعد قانون العمل من كافة جوانبه وإضافة حقوق جديدة منها:
أ- زيادة مدة الاجازة السنوية إلى 45 يوماً لمن تجاوز سنه خمسين سنة (م 101 من المشروع).
ب- للعامل الذي يولد له مولود الحق في إجازة طارئة مدفوعة الأجر يوم الولادة لا تحسب ضمن رصيد أجازته السنوية بحد أقصي ثلاثة مرات طوال مدة خدمته (م 105 من المشروع).
ج- للجهة الطبية المختصة أو لطبيب الهيئة العامة للتأمين الصحي، منع العامل المخالط لمريض بمرض معد من أفراد أسرته من مزاولة عمله المدة المناسبة ولا تحسب هذه المدة من إجازة العامل ويلتزم صاحب العمل بصرف أجرة عنها (م 109 من المشروع).
د- إذا جدد عقد العمل محدد المدة لمدة تجاوز أربع سنوات فإنه يتحول إلى عقد عمل غير محدد المدة (71 من المشروع).
ه- النص على إنشاء، في مقر كل محكمة ابتدائية، مكتب للمساعدة القانونية العمالية يناط به معاونة المتقاضين في إقامة دعواهم العمالية على الوجه القانوني الصحيح، وتكون سائر خدمات هذا المكتب للمتقاضين اختياريه ودون مقابل. (م 162 من المشروع).
- النص في المادة 143 من المشروع على أنه ” يعتبر العامل مستقيلاً من العمل إذا تغيب دون مبرر مشروع أكثر من عشرين يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة، أو أكثر من عشرة أيام متتالية، على أن يسبق ذلك إنذار بخطاب موصي عليه بعلم الوصول من صاحب العمل. أو من يمثله للعامل بعد غياب عشرة أيام في الحالة الأولى، وخمسة أيام في الحالة الثانية” ومعني ذلك لم تعد حالة الغياب بدون مبرر مشروع حالة من حالات الخطأ الجسيم المبرر لفصل العامل. وهذا النص جيد نؤيده تماماً.
- نصت المادة 78 من المشروع على أنه ” يلزم العامل الذي تم تدريبه على نفقة صاحب العمل بأن يقضي لديه المدة المتفق عليها، وفي حالة تركه العمل قبل انقضاء هذه المدة يلتزم بسداد نفقات التدريب دون إخلال بحق صاحب العمل في التعويض ما لم ينص عقد لعمل على خلاف ذلك”. وهذه المسألة كانت خلافيه ومن ثم فخيرا فعل واضع المشروع.
- وفقاً لنص المادة 131 من المشروع ” … ينتهي عقد العمل محدد المدة بانقضاء مدته، فإذا جدد عقد العمل لمدة لا تجاوز أربع سنوات جاز لأي من الطرفين إنهاء العقد بشرط إخطار الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء بشهرين” وشرط الإخطار عن عدم تجديد العقد ليس منصوص عليه بالقانون رقم 12 لسنة 2003 وكانت تنص عليه بعض لوائح تنظيم العمل بالمنشأة كشرط اتفاقي كما تضمنته بعض عقود العمل الفردية كما أن ذات النص ورد به ” فإذا كان الإنهاء من جانب صاحب العمل استحق العامل مكافأة تعادل أجر شهر عن كل سنة من سنوات الخدمة”.وهذه ميزة للعامل ليس منصوصا عليها في القانون الحالي.
5- وفقاً لنص المادة 133 من المشروع “… إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لأي من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الاخر كتابة قبل الإنهاء بثلاثة أشهر”).
وهذا النص وحد مدة مهلة الاخطار وجعلها ثلاثة أشهر على خلاف ما هو منصوص عليه بالمادة 111 من القانون الحالي والتي تحدد مدة هذه المهلة بشهرين إذا كانت مدة خدمة العامل لدى صاحب العمل لا تتجاوز عشر سنوات وبثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات. ونص المشروع أفضل في اعتقادي.
6- وفقاً لنص المادة 134 من المشروع “… لا يجوز لأصحاب الأعمال والعمال، إنهاء عقد العمل غير محدد المدة إلا بمبرر مشروع وكاف…”
وهذا النص هام جدا وأعاد حق الإنهاء بالإرادة المنفردة إلى طبيعة القانونية وسياجه ألا يكون من استعمله متعسفا في استعمال هذا الحق. ومن ثم يجب أن يكون لديه مبررا مشروعا وكافياً للإنهاء وقد أزال هذا النص اللبس الموجود بنص المادة 110 من القانون الحالي والذي ينص على أنه ” … لا يجوز لصاحب العمل أن ينهي هذا العقد الا في حدود ما ورد بالمادة 69 من هذا القانون، أو بثبوت عدم كفاءة العامل طبقاً لما تنص عليه اللوائح المعتمدة” .
فالنص الحالي يخلط بين الإنهاء بالإرادة المنفردة لعقد العمل غير محدد المدة وهو حق لكلا الطرفين لا يجوز التعسف فيه. وبين الفصل كعقوبة تأديبية يشترط لتوقيعها ارتكاب العامل لخطأ جسيم (م69) وقد أزال نص المشروع هذا الخلط.
7- تنظيم المحاكم العمالية المتخصصة تفصيلاً بالمواد من 153 حتى 164 من المشروع بداية من المحاكم الابتدائية والاستئنافية حتى النقض ووفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 163 من المشروع “… إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة” وهذه ميزة كبيرة وهامة لسرعة الفصل في المنازعات العمالية دون إعادتها إلى محكمة الموضوع.
8- تنظيم علاقات العمل الجماعية تفصيلا بالمواد من 165 حتى 214 من المشروع وخاصة المفاوضة الجماعية. واتفاقية العمل الجماعية، وطرق تسوية منازعات العمل الجماعية في حالة فشل المفاوضة الجماعية، فقد تضمن المشروع أنظمة التوفيق ثم الوساطة والتحكيم.
وقد نصت المادة 191 من المشروع على أن ينشأ بالوزارة المختصة “مركز الوساطة والتحكيم” تكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع الوزير المختص ويتكون من قسمين: قسم الوساطة وقسم التحكيم. وقد جعل المشروع اللجوء إلى هذه الوسائل باتفاق الطرفين وليس إلزاميا.
9- وفيما يتعلق بالتحكيم تلافي المشروع ما كان موجودا بنظام التحكيم العمالى الذي قضي بعدم دستوريته، وجعل للطرفين الحرية في اللجوء إلى التحكيم من عدمه ولهما اختيار المحكمين من القوائم المعدة مسبقاً. وفقا لنص المادة 199 وللطرفين توقيع مشارطة تحكيم يتم فيها تحديد موضوع النزاع والشروط والإجراءات التي يجري عليها التحكيم ويتبع فيما لم تتضمنه مشارطة التحكيم الأحكام المقررة في قانون التحكيم المصري (27 لسنة 1994).
10- نصت المادة 203 من المشروع على أنه ” تشكل بقسم التحكيم دائرة عليا أو أكثر لإعادة النظر مكونة من خمسة محكمين من المقيدين بقائمتها للطعن في أحكام التحكيم. واذا تضمن شرط أو مشارطة التحكيم أن يكون على درجتين، يحال النزاع إلى تلك الدائرة خلال 15 يوماً من تاريخ صدور حكم أول درجة ويتعين عليها الفصل في النزاع خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ الإحالة إليها. ومعني ذلك أنه يجوز لأى من الطرفين الطعن أمام هذه الدائرة بالتماس إعادة النظر إذا توافرت شروطه. كما أن هذه الدائرة الخماسية تعد درجة ثانية للتحكيم إذا اتفق الطرفان على أن التحكيم على درجتين.
11- نظم المشروع تفصيلاً السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، موحداً بين جميع المنشآت سواء كان يديرها شخص من أشخاص القانون الخاص أو القانون العام .
ثانيا: عيوب المشروع:
يوجد بنصوص المشروع العديد من الأخطاء التي يمكن تعديلها ببساطة:
- مثل بعض التعاريف الواردة بالمادة الأولى من المشروع فمثلاً تعريف اتفاقية العمل الجماعية. فهو تعريف خاطئ وكذلك تعريف مقابل الخدمة، وعدم تعريف العلاوة الدورية.
- كذلك ما ورد بالمادة 91 من المشروع، فبعد أن بين هذا النص المبالغ التي يجوز اقتطاعها من أجر العامل أو الحجز عليها تنفيذا لأحكام قضائية أورد قيدا على الاقتطاع والحجز باشتراط أن تصدر موافقة مكتوبة من العامل. وهذا القيد يخالف الغرض من الاقتطاع وهو يكون جبريا عن العامل بوجود نص على الاقتطاع أو بصدور حكم بحجز ما للمدين لدى الغير محلة أجر العامل، وكان يكفي إخطار العامل دون اشتراط موافقته الكتابية.
- كما ورد بالمادة 138 من المشروع ” لا يجوز الاتفاق على الإعفاء من شرط الإخطار أو تخفيض مدته، ويجوز الاتفاق على زيادة هذه المدة” وهذه الفقرة غير دقيقة لأنها تخالف الطبيعة الحمائية لقواعد قانون العمل، وكان الأفضل أن يكون نصها كالتالي ” لا يجوز الاتفاق على الاعفاء من شرط الاخطار أو تخفيض مدته أو زيادتها إلا إذا كان ذلك في مصلحة العامل. ” أما صيغة المشروع فتهدر الطبيعة الحمائية لمصلحة صاحب العمل.
- بالإضافة إلى ما سبق ورد بالمشروع نص المادة 202 وهو نص غير واضح ويثير الكثير من اللغظ والتساؤلات حول معناه فقد جاء كما يلي : ” يتعين على المحكم أو المحكمين عند الفصل في النزاع المعروض مراعاة التشريعات المعمول بها داخل الدولة، والاتفاقيات الدولية المصدق عليها، ومبادئ القانون الطبيعي، والعرف والعدالة الاجتماعية وفقاً للحالة الاقتصادية والاجتماعية السائدة في منطقة المنشأة…”). وهذا النص يثير أثناء تطبيقه عدة مشكلات أهمها هل يترك المحكم النص التشريعي والحكم بمقتضي قانون طبيعي أو العرف أو العدالة. أو ليست الاتفاقيات الدولية المصدق عليها جزءاً من التشريعات المعمول بها. وغير ذلك من المشكلات ومن ثم يكفي أن يكون هذه الفقرة كالتالي ” يطبق المحكم أو المحكمين عند الفصل في النزاع القانون المصري” .
- وهناك موضوعان أثارا الجدل في ظل القانون الحالي رقم 12 لسنة 2003 وبالرغم من ذلك نص عليهما كما هما مشروع القانون وبالرغم أنه تناول موضوع ثالث كان مثيرا للجدل ونظمه بصورة تتفق والمبادئ العامة للقانون، وهو الاكتفاء بألا يكون صاحب العمل متعسفا في إستعمال حق إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة دون الربط بينه وبين شرط إرتكاب العامل خطأ جسيماً. وهذان الموضوعان هما: الإختصاص بتوقيع جزاء الفصل (125) وإستقالة العامل (م 144 من المشروع).
1- اختصاص المحكمة العمالية بتوقيع جزاء الفصل:
– في ظل قوانين العمل السابقة على القانون 12 لسنة 2003، وهو المعمول به في القانون المقارن يدخل في إطار السلطة التأديبة لصاحب العمل، وهو إنعكاس لعلاقة التبعية بينه وبين العامل، سلطة فصل العامل في حالة إرتكاب خطأ جسيم، ويخضع قرار صاحب العمل لرقابة المحكمة العمالية وهى رقابة لاحقة لإتخاذ القرار. إلا أن قانون العمل الحالي إستحدث بالمادة 68 منه أن يكون الاختصاص بتوقيع عقوبة فصل العامل للمحكمة العمالية ومن ثم أصبحت الرقابة القضائية سابقة. فإذا قدر صاحب العمل أن العامل ارتكب خطأ جسيماً يستوجب فصله فليس له الحق في اتخاذ هذا القرار بل عليه ترك العامل قائما بالعمل والذهاب إلى المحكمة العمالية المختصة للنظر في فصله وفي هذه الحالة يجوز لصاحب العمل اللجوء إلى طلب التسوية الودية من الجهة الإدارية قبل اللجوء للمحكمة إلا أنه يجوز له اللجوء إلى المحكمة دون تقديم طلب التسوية الودية. ومعني ذلك أنه إذا فصل صاحب العمل العامل بقرار منه كان ذلك فصلا تعسفياً حتى ولو كان قد ارتكب خطأ جسيما. كما أنه إذا استمر العامل في العمل بعد اكتشاف الخطأ الجسيم قد يكون خطراً على المنشأة وعلى العاملين بها. وإذا أوقفه عن العمل لمصلحة التحقيق لا يجوز الوقف أكثر من ستين يوماً بأجر كامل. فإذا منعه من العمل بعد انتهاء هذه المدة عد ذلك إنهاءً تعسفيا ليس من سلطته. وفي الواقع العملي عندما يرتكب العامل خطأ جسيما يلجأ صاحب العمل إلى فصله من العمل وتحمل كامل التعويضات بالرغم أن صاحب العمل أدري بظروف منشأته المملوكة له ملكية خاصة.
– كما أن هذا النص بوضعه الحالي يعيق الإستثمار في مصر وهو غرض رئيسي للدولة في الوقت الحاضر ومن ثم يجب إعادة الاختصاص بفصل العامل إلى صاحب العمل فهو المطلع على ظروف منشأته وأدري بمصالحه كما أن بقاء سلطة الفصل للمحكمة يخالف قاعدة عدم جواز إجبار صاحب العمل على إستخدام عامل لا يرغب في استخدامه إلا أن مشروع قانون العمل الجديد أعاد النص في المادة 125 من المشروع على إختصاص المحكمة بفصل العامل وهذا النص يجب إستبعاده وإعادة الاختصاص لصاحب العمل وجعل رقابة المحكمة لاحقة لقرار صاحب العمل.
2- استقالة العامل وعدوله عن لاستقالة:
– من المستقر وفقاً للقانون المقارن وقضاء محكمة النقض أن الإستقالة تصرف بالإرادة المنفردة من جانب العامل في القطاع الخاص ولا يحتاج وقوعها أو ترتيب أثرها قبول ممن وجهت إليه (صاحب العمل) إلا أن قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003 خرج عن هذه القاعدة ونص في المادة 119 على أنه ” لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة وللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابةً خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة وفي هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن” ومعني ذلك أن المشرع في القانون الحالي أستوجب قبول صاحب العمل للاستقالة وإخطاره العامل بذلك ومن ثم فإن المشرع خلط بين الاستقالة في القطاع الخاص واستقالة العاملين بالدولة حيث أن ربط إنتاج استقالة الموظف العام بقبول الاستقالة من السلطة المختصة أمر تفرضه المصلحة العامة لإرتباط نشاط الجهات الحكومية بالمرافق العامة التي يجب أن تسير في إنتظام واضطراد. أما إشتراط القبول من صاحب العمل قد يضر بالعامل إذا كانت استقالته من أجل الإلتحاق بعمل أخر أفضل له، كما أن ربط الاستقالة بقبول صاحب العمل يحد من حرية العامل ومصلحته الفردية.
– كما أنه كيف يبرر عودة العامل خلال أسبوع من تاريخ إخطاره بقبول الاستقالة. وبالطبع إذا رفض صاحب العمل عد ذلك إنهاء تعسفياً للعقد وهذا يخالف قاعدة أنه لا يجوز فرض العامل للعمل لديه جبراً.
– وقد أعاد مشروع القانون النص بصيغة مختلفة كالتالي: فقد ورد بالفقرة الأولى من المادة 144 من المشروع ” للعامل أن يقدم استقالته كتابةً لصاحب العمل بشرط أن تكون موقعة منه أو من وكيله الخاص ومعتمدة من الجهة الإدارية المختصة. ولا تنتهي خدمة العامل إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمها وإلا اعتبرت مقبولة بفوات هذه المدة”
– وهذه الفقرة جيدة وتحقق الغرض وتستبعد أية استقالة صورية قد يعتمدها صاحب العمل، حيث أـن الاستقالة يتم إعتمادها بمديرية القوى العاملة قبل تقديمها لصاحب العمل ومن ثم تنتج الاستقالة أثارها بقبول صاحب العمل الاستقالة صراحة أو ضمناً بمرور عشرة أيام على تقديمها له.
– إلا أن الفقرة الثانية من ذات المادة عادت ونصت على: ” وللعامل المستقيل أو وكيله الخاص العدول عن الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره بقبول الاستقالة على أن يكون هذا العدول مكتوباً ومعتمداً من الجهة الإدارية. وفي هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن”.
– وهذه الفقرة ناقضت الفقرة الأولى ويجب إلغائها والاقتصار على الفقرة الأولى فقط فهي تؤدي الغرض تماما لأنه ليس هناك ما يبرر فرص العامل للعمل لدي صاحب العمل بعد قبول استقالته واعتماد الاستقالة من الجهة الإدارية . فإذا رفض إعادته إلى عمله عد ذلك إنهاءً تعسفياً للعقد من صاحب العمل. وهذا ظلم لصاحب العمل وسبباً لنفور المستثمرين دون أن يكون لهذه الفقرة أي مبرر.
الخاتمة:
وضح مما سبق أن مشروع القانون الجديد تضمن بعض المزايا الجديدة التي لم ترد بالقانون الحالي، كما أنه تضمن بعض السلبيات أو العيوب التي يجب تلافيها قبل إصدار القانون حتى يكون التوازن بين طرفي عقد العمل حقيقياً وليس تحكمياً وحتى يساعد قانون العمل على حماية العمال وفي ذات الوقت تشجيع الاستثمار المصري والعربي والاجنبي.
وكل ما قبل من تعليقات هي رأى خاص بي .
والله ولى التوفيق