أهم اتفاقيات المناخ الدولية التي انضمت لها مصر وقيمتها الدستورية

أهم اتفاقيات المناخ الدولية التي انضمت لها مصر وقيمتها الدستورية

أ.عمر عادل[1]

أ. هنا أشرف[2]

مقدمة:

تغير المناخ هو حالة طوارئ عالمية وآثارها واسعة النطاق، لذلك يجب على جميع البلاد التعاون حتى يتمكنوا من الحد من الآثار السلبية لتلك المشكلة. إنها قضية تتطلب حلولاً منسقة وتعاوناً دولياً لمساعدة الدول على التحرك نحو اقتصاد منخفض الكربون. إن مصر من أكثر البلاد المتعرضة الى تأثير سلبي مرجعه تغير المناخ، حيث أنه وفقاً لجهاز شئون البيئة التابع لوزارة البيئة تعرضت جمهورية مصر العربية للعديد من المخاطر المتمثلة في زيادة درجة الحرارة عن معدلها الطبيعي، ارتفاع منسوب مستوي البحر، زيادة الأحداث المناخية المتطرفة، زيادة معدلات التصحر، التدهور الزراعي، تدهور السياحة البيئية. فكان على مصر البدء في البحث عن

حلول لحل تلك المشكلات قبل تطورها. لذلك فإن مصر قد أبرمت اتفاقيات دولية عديدة من أجل التصدي لمشكلة تغيير المناخ.

أهم اتفاقيات المناخ الدولية التي انضمت لها مصر:

اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيير المناخ

لقد أبرمت الأمم المتحدة في 1992 هذه الاتفاقية رغبةً منها في التصدي لمشكلة تغيير المناخ من خلال منع التدخل البشري في النظام المناخي. وقد صدقت 197 دولة علي هذه الاتفاقية ومن ضمنهم جمهورية مصر العربية حيث صدقت مصر على الاتفاقية بتاريخ 9/6/1992.[3]

والهدف من هذه الاتفاقية كما هو موضح في المادة 2 هو الوصول إلى مستوى محدد وثابت من تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي في فترة محددة وفقاً للأحكام المنصوص عليها في الاتفاقية، وبالتالي تتكيف

النظم الايكولوجية مع تغير المناخ ويتم الحفاظ على مستوى إنتاج الأغذية مما يؤدي إلى التقدم في التنمية الاقتصادية بشكل مستدام.

كما اشتملت الاتفاقية على عدة مبادئ على جميع الأطراف الالتزام بها عند تنفيذ أهداف وأحكام الاتفاقية من أهمها أن البلاد الأطراف المتقدمة النمو هم من يتخذون الصدارة في مكافحة تغير المناخ والآثار الضارة المترتبة عليه. بالإضافة إلى أن مبادئ الاتفاقية أكدت على أن يتم مراعاة احتياجات الدول النامية أطراف الاتفاقية والدول – أطراف الاتفاقية – الأكثر تأثيرا بالأضرار الناشئة عن تغير المناخ. ونصت مبادئ الاتفاقية أيضاً على أنه يتعين على الأطراف اتخاذ كافة التدابير الوقائية بأقل تكلفة ممكنة من أجل منع أو الحد من أي من أسباب تغير المناخ. بالإضافة إلى أنه يتعين على الأطراف التعاون لإنشاء نظام اقتصادي دولي مساند يؤدي إلى نمو اقتصادي مستدام لجميع الأطراف.[1]

وقد نصت الاتفاقية في المادة 4 منها على عدة التزامات يلتزم بها الأطراف ولكن تختلف الالتزامات باختلاف فئة الدولة الطرف حيث قسمت الاتفاقية البلاد إلى بلدان متقدمة، وبلدان متقدمة ذات مسؤوليات مالية خاصة، وأخيراً بلدان نامية. تعتبر جمهورية مصر العربية من البلدان النامية وتعتبر التزاماتها وفقاً لأحكام الاتفاقية متمثلة في الالتزام بإصلاحات سياسات الطاقة، وزيادة مساهمة الطاقة المتجددة، وكذلك تحسين كفاءة الطاقة والنقل المستدام، وإدارة المخلفات الصلبة، والتمويل الأخضر، وإجراءات التكيف مع آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى البلاغ عن أي انبعاثات خلال تقرير “البلاغات الوطنية”. وتعتبر مصر من أكثر الدول المعرضة للخطر نتيجة التغيرات المناخية وفقاً للتقرير المحدث للمساهمات المحددة وطنياً، وأوضح التقرير أن دلتا النيل مهددة بالغرق بحلول عام 2050.

وقد نصت الاتفاقية على الالتزامات الواقعة على البلاد الأطراف من أجل التصدي لأزمة تغير المناخ؛ حيث تلتزم كل الدول الأطراف بتقديم تقرير يسمى “البلاغات الرسمية” بشكل دوري موضحين به معلومات عن غازات الاحتباس الحراري وما انتهت إليه الدولة الطرف من حلول والخطة المستقبلية لتنفيذ الاتفاقية، بالإضافة إلى أن على جميع الأطراف الالتزام ببرامج وتدابير وطنية للسيطرة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتكيف

مع تأثيرات تغير المناخ. بالإضافة الي الالتزام باستخدام تكنولوجيات لا تلحق ضرر بالمناخ ونشر الوعي العام بشأن أزمة تغير المناخ وتأثيره، والالتزام عند تنفيذ تلك الالتزامات بالتعاون مع الأطراف الأخرى.[1]

بروتوكول كيوتو

بروتوكول كيوتو تم اعتماده في 1997 من أجل تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، وقد تم التوقيع عليه من قبل 195 دولة. وقد وقعت مصر على بروتوكول كيوتو بتاريخ 15 مارس 1999 وصدقت مصر على البروتوكول بتاريخ 12 يناير 2005. تضمن البروتوكول مجموعتين من الالتزامات، المجموعة الأولي تقع على عاتق جميع الدول الأطراف أما المجموعة الثانية تضمن التزامات تقع على عاتق الدول المتقدمة في مواجهة الدول النامية.

تشتمل المجموعة الأولي من الالتزامات الواقعة علي جميع الدول الأطراف على الآتي: العمل على تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسب تختلف حسب كل دولة، العمل علي توفير مستودعات لامتصاص الغازات الدفيئة، البحث التفصيلي عن الغازات الدفيئة من حيث تقدير كميتها ودراسة آثارها السلبية والتبعات الاقتصادية والاجتماعية لمواجهة المشكلة، نشر الوعي من خلال التعليم وبرامج التدريب والتوعية العامة في هذا الشأن، تطوير التكنولوجيات الصديقة للبيئة والعمل بها، اتباع الآليات المرنة التي تراعي البعد الاقتصادي عند العمل علي تخفيض الانبعاثات وتقليل آثارها الضارة.

أما المجموعة الثانية من الالتزامات الواقعة على عاتق الدول المتقدمة تجاه الدول النامية تتضمن الآتي: تمويل وتسهيل نقل التكنولوجيا الصديقة للبيئة إلى الدول النامية، مساعدة الدول النامية في مواجهة الآثار السلبية للتغير المناخي والتأقلم معها، القيام بمشروعات في الدول النامية بغرض مساعدتها على الوفاء بمتطلبات التنمية المستدامة والمساهمة في نفس الوقت بتحقيق الهدف الرئيسي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية وذلك تطبيقاً لآلية التنمية النظيفة.

إن بروتوكول كيوتو يضع العبء الأكبر من الالتزامات على عاتق الدول المتقدمة حيث ألزم البروتوكول الدول المتقدمة بتوفير الدعم المالي والفني للدول النامية من أجل تحقيق أهداف البروتوكول واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية خلال جدول زمني محدد.[1]

اتفاقية باريس

في 12 ديسمبر 2015 تم اعتماد اتفاقية باريس من 197 دولة ومن ضمنهم جمهورية مصر العربية لمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية من خلال تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتقليل درجة الحرارة العالمية درجتين مئويتين، بالإضافة الي تنظيم الجهود بين الدول المتقدمة والدول النامية لتحقيق أهداف الاتفاقية بشكل فعال وبأقصى سرعة.[2]

إن مصر من أكثر المناطق المتأثرة بتغير المناخ وبدأ ظهور ذلك التأثير السلبي على المياه والزراعة والغذاء والصحة والمناطق الساحلية، كما أن مصر مسئولة عن 0.6% من غازات الاحتباس الحراري، والجدير بالذكر أن اتفاقية باريس تتيح لجمهورية مصر العربية الاستفادة من مساعدات دولية عديدة من خلال الالتزامات المفروضة على الدول الأطراف.

ومن التزامات الدول الأطراف الآتي: التزام كل دولة بتقديم مساهمات قومية كل خمس سنوات للحد من نسبة الانبعاثات حسب قدرة كل دولة دون الالتزام بنسبة معينة، وعلى الدول تقديم تقارير بشكل مستمر موضحة المساعدات التي قدمتها إلى الدول الأخرى وتقارير موضحة المساعدات التي تلقتها تلك الدول بالإضافة الي التزام جميع الدول بتقديم تقرير جرد مخزني للانبعاثات، كما تلتزم الدول المتقدمة بمساعدة الدول النامية مادياً من أجل تخفيف الانبعاثات والتعامل مع آثارها.

 وأكدت الاتفاقية على أهمية التعاون بين كل الدول الأطراف من خلال تقديم كل التسهيلات والمساعدات والدعم التكنولوجي ونقل المعرفة فيما بينهم ودعم التعليم البيئي من أجل تحقيق أهداف الاتفاقية.[3]

القيمة الدستورية لاتفاقيات المناخ الدولية المنضمة لها مصر:

حدد دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام 2014 والمعدل عام 2019 قيمة الاتفاقيات الدولية من الناحية الدستورية، وذلك في مادته رقم 93، حيث نصت المادة المذكورة على أن:

        (“تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة“).

وبالنظر إلى النص المتقدم، يتضح لنا أن الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر ومنها اتفاقيات المناخ الدولية المشار إليها تلتزم بها جمهورية مصر العربية بحيث تصبح بمثابة قوانينها الوطنية، وذلك فور نشرها في الجريدة الرسمية وفقاً للأوضاع المقررة قانوناً.

ولما كان ذلك، فإن اتفاقيات المناخ المبينة بعاليه يكون لها قوة القانون وتكون ملزمة للدولة المصرية بالامتثال لكافة بنودها، باعتبارها عقداً كسائر العقود صدقت عليه الدولة المصرية كأحد قوانينها الوطنية.

الخلاصة:

وخلاصة ما تقدم هو أن التغير المناخي يعد إشكالية في غاية الأهمية نظراً لتأثيره المباشر على حقوق الإنسان في الدول المختلفة ولعل أهمها مصر، والتي تعد شديدة التعرض للتأثر بتغير المناخ نظراً لصحاريها الشاسعة ودلتاها الخصبة وسواحلها الممتدة ومدنها الضخمة علاوة على ما تتسم به من قلة الأمطار وارتفاع في حرارة فصول الصيف، فيكون تأثير تغير المناخ سلباً على العديد من الحقوق الأساسية للمواطنين كالحق في الحياة وتقرير المصير والتنمية والصحة والغذاء والمياه والصرف الصحي والحق في السكن اللائق والحقوق الثقافية[1].

 إلا أن الدولة المصرية لم تستسلم للأمر الواقع، فقد أبرمت ثلاث اتفاقيات دولية في هذا الإطار كفلوا لها الاستفادة من نصوصها المختلفة والحد من التغير المناخي، وذلك بالإضافة إلى عدد ليس بالهين من المساعي التي انتهجتها الدولة المصرية تصدياً لظاهرة التغير المناخي عن طريق عدد من المشروعات التي هدفت إلى مواجهة الآثار السلبية للتغير المناخي في مصر، وذلك إلى جانب كونها صاحبة السبق في إصدار أول سند سيادي أخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيمة 750 مليون دولار، بحيث خصص 46% من

 إلا أن الدولة المصرية لم تستسلم للأمر الواقع، فقد أبرمت ثلاث اتفاقيات دولية في هذا الإطار كفلوا لها الاستفادة من نصوصها المختلفة والحد من التغير المناخي، وذلك بالإضافة إلى عدد ليس بالهين من المساعي التي انتهجتها الدولة المصرية تصدياً لظاهرة التغير المناخي عن طريق عدد من المشروعات التي هدفت إلى مواجهة الآثار السلبية للتغير المناخي في مصر، وذلك إلى جانب كونها صاحبة السبق في إصدار أول سند سيادي أخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بقيمة 750 مليون دولار، بحيث خصص 46% من حصيلتها لقطاع النقل النظيف، بينما خصص 54% من عائداتها لإمدادات المياه المستدامة وإدارة مياه الصرف الصحي[1].

[1] باحث قانوني بمكتب الفيشاوي والشاذلي للمحاماة والتحكيم والاستشارات القانونية.

[1] باحث قانوني بمكتب الفيشاوي والشاذلي للمحاماة والتحكيم والاستشارات القانونية.

[1] https://www.un.org/ar/global-issues/climate-changeآخر زيارة 20/10/2022.

[1] https://unfccc.int/sites/default/files/convarabic.pdfآخر زيارة 20/10/2022.

[1] https://ecesr.org/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%AA/ آخر زيارة 20/10/2022.

[1]https://www.marefa.org/%D9%BE%D8%B1%D9%88%D8%AA%D9%88%D9%83%D9%88%D9%84_%D9%83%D9%8A%D9%88%D8%AA%D9%88 آخر زيارة 20/10/2022.

[1]  https://www.un.org/ar/climatechange/paris-agreementآخر زيارة 20/10/2022.

[1] https://manshurat.org/node/13186آخر زيارة 20/10/2022.

[1]  الأمم المتحدة، حقوق الإنسان، مكتب المفوض السامي، أسئلة يتكرر طرحها بشأن حقوق الإنسان وتغير المناخ، صحيفة الوقائع رقم 38، نيويورك وجنيف 2022. https://www.ohchr.org/sites/default/files/2022-03/FSheet38_FAQ_HR_CC_AR.pdf. آخر زيارة 20/10/2022.

[1]  مارينا ويس، مصر: التصدي لتغير المناخ من أجل مستقبل أكثر صحة وازدهاراً، رأي صادر عن البنك الدولي، بتاريخ 19/04/2022. https://www.albankaldawli.org/ar/news/opinion/2022/04/19/-egypt-acting-against-climate-change-for-a-healthier-more-prosperous-future. آخر زيارة 20/10/2022.