التمييز بين الرياضيين

كتابة :  الأستاذ / أحمد ملهط

مقدمة

تواجه المجتمعات تحديات عديدة في شتي مجالات الحياة ولعل اهم تلك التحديات المثارة في مجال الرياضة هي التمييز بين الرياضيين فهناك العديد من أنواع التمييز عموماً في مجال الرياضة وهو من الأمور المعقدة الى حد كبير ويتجاوز حد المقارنات الفردية بين الرياضيين ولكي نكون علي دراية بهذا الموضوع ينبغي علينا ان نتطرق الي فهم ماهية التمييز في العموم وانواعه وما يترتب عليه من اثار سلبية على الافراد والمجتمعات  ونتطرق ايضاً الى ما هو الواجب على المجتمعات لكى تواجه تلك المشكلة الجسيمة التي لو تركت لتضخمت بين كل الشعوب و يمتد اثرها بين الأجيال الناشئة فلابد من وضع قوانين صارمة تجرم هذا الفعل وليس في مجال الرياضة فقط.

اولاً تعريف التمييز العنصري بين الرياضيين:

– التمييز العنصري: هو التعبير غير القانوني للعنصرية، فهو يتضمن أي عمل سواء كان بقصد او بغير قصد والذي ينتج عنه استبعاد اشخاص على أساس معين، وفرض أعباء عليهم فقط وحجبهم اشخاص معينة عن الحصول على بعض الامتيازات المتاحة لبقية الأشخاص في مجالات يغطيها القانون، وتعد المضايقة العنصرية أبرز شكل من اشكال التمييز

– ويمكن ان يحدث التمييز العنصري على مستوى المؤسسات وهياكل الدولة في التعاملات اليومية ، حيث أن أنماط السلوك والسياسات هي جزء من هياكل المؤسسة كاملةً وبالتالي يمكن للسلوك السيء الصادر من الشخص يمكن ان يسئ إلى المؤسسة بأكملها وبالتالي تفشل المؤسسة أو الهيكل وتسير عكس الاتجاه المخطط لها، وهذا يعني بانه حتى وان لم تكن تقصد فان ” اسلوبك العادي في التصرف في الأمور ” قد يكون له اثر سلبي على الأشخاص، ومن ثم نكن أم شكل من أشكال التمييز العنصري.

– وهذا التمييز أو التباين والاختلاف في التعامل يظهر بشكل جلي وواضح في مجال الرياضيين سواء في المؤسسات الرياضية ما بين المديرين والاعبين في نفس المؤسسة ويظهر بشكل أوضح عن طريق الأفعال التي يرتكبها الجمهور تجاه اللاعبين .

ثانياً أنواع التمييز بين الرياضيين:

يندرج تحت مصطلح التمييز العنصري أنواع كثيرة، ونذكر على سبيل المثل لا الحصر:

1- التمييز العنصري بين الرياضيين على أسس الجنس

2- التمييز العنصري بين الرياضيين على أساس لون البشرة او العرق

3- التمييز العنصري على أساس الاعتقاد الديني.

4-التمييز العنصري بين الرياضيين علي أساس الحالة الاقتصادية للاعب.

– ويتجلى النوع الأول (التمييز العنصري بين الرياضيين على أساس الجنس) من هذا التمييز في معظم الرياضات وايضاً بين الرياضيين في نفس المنظمة او الفريق وذلك يتضح من خلال التقليل من شان الإنجازات بين الرجال والنساء حيث لطالما قوبلت إنجازات النساء الرياضيات بالتقليل من شانها واعتبرت ان الرياضة ليست مجالا مناسباً للنساء.

ويتضح ذلك النوع ايضاً في الفجوة بين الأجور بين النساء والرجال حيث ان رواتب النساء بالمقارنة مع رواتب الرجال قليله جدا وذلك حتى في الرياضات التي يتجلى فيها نجاح النساء عن الرجال.

والأدهى من ذلك التحرش الجنسي الذي تواجهه معظم النساء في الرياضات مما يثر ذلك على صحتهم النفسية مما يعود بالسلب على مسيرتهن الرياضية .

– ويتضح النوع الثاني والثالث بشكل واضح في اغلب الرياضات حيث انه من الملحوظ التمييز بين الرياضيين على أساس لون البشرة للاعب او العرق الذى ينتمي اليه الاعب، والمعتقد الديني الذي يعتنقه،  ويتضح هذا التمييز بشكل صريح تجاه اللاعبين ذو البشرة السوداء من قبل الجمهور تجاه هؤلاء اللاعبين ويظهر ايضاً هذا التمييز على أساس العمر حيث يعتبر الشباب اكثر قدرة على تحقيق إنجازات رياضية ولكن هؤلاء البشر قد غفلوا عن انه كما يمكن للشباب ان يحققوا إنجازات رياضية فإن هذا لا يمنع انه يمكن للاعبين الأكبر سناً ان يحققوا إنجازات اكبر واهم ومما لاشك فيه ان الخلفية الاجتماعية والاقتصادية للرياضي تلعب دوراً هاماً في مسيرته الرياضية حيث ان الرياضيين القادمين من بيئة اقتصادية ميسورة الحال يحظون بفرص افضل للحصول على تدريب متقدم وتجهيزات رياضية عالية الجودة بعكس الرياضي الذي جاء من بيئة اقتصادية غير ميسورة ، بل تلاحظ أن التمييز على أساس المعتقد الديني.

ثالثاً أسباب التمييز بين الرياضيين:

– هناك العديد من أسباب هذا التمييز ويعتبر من ابرز تلك الأسباب:

1- التحيزات الاجتماعية والثقافية السائدة في معظم المجتمعات والتي بدورها تؤثر على تقييم الرياضيين وتحدث فروق بينهم مما يؤدي الى التأثير النفسي على بعض الرياضيين

2- الاعتبارات التجارية التي تسعى من خلالها المؤسسات الرياضية الى تحقيق أرباح طائلة والذي بدوره يؤدي الى تفضيل بعض الرياضيين على حساب اخرين من نفس المؤسسة الرياضية

3- الافتقار الى المعايير الموضوعية لتقييم الاعبين حيث انه يصعب وضع مغاير دقيقة وموضوعية لتقيم أداء الرياضيين في جميع الرياضات

4- كما ان للإعلام دور كبير في تفاقم هذه الازمة حيث ان التغطية والتحيزات الإعلامية التي تفتقد للوعي والتي بدورها تقود الى تعزيز الصور السلبية عن بعض المجموعات حول الرياضيين

رابعاً حلات فردية تعرضت الى هذا التمييز العنصري :

1-ةمحمد علي كلاي الذي واجه هذا التمييز العنصري الشديد في الولايات المتحدة حيث رفض التجنيد في حرب فيتنام بسبب التحيز الديني مما أدى الى سحب لقبه العالمي

2-  لاعب كرة القدم (فينيسيوس جونيور ) الذى واجه اكبر موجه من التمييز العنصري في وقتنا الحالي بسبب لون بشرته الأسود (عرقه) ويحدث ذلك التنمر في كل مباراة يلعبها مع فريقه

3- اما عن النساء لاعبة كرة القدم الامريكية (ميسي روبي) التي تعرضت للتمييز العنصري بسبب لون بشرتها .

خامساً: لابد ان تسن قوانين للحد من هذا السلوك العنصري

وفى جراء مجابهة هذا السلوك (التمييز العنصري بين الرياضيين) المشين وفى خطوة ممتازة من الدول تم التوقيع من بعض الدول على بعض الاتفاقيات منها

الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في الألعاب الرياضية التي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق  والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة

( 40/64 المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1985) .

والتي في مجملها تنص على عدم التمييز العنصري بين الرياضيين في أي رياضة

وجاء في نصوص المواد لتلك الاتفاقية عقوبات وتدابير للحد من التمييز العنصري الذي يتعرض له الرياضيين او أي شخص في العموم

وايضاً اكد مركز مناظرات قطر في اطار مجابهة السلوك العنصري في الرياضة ان الرياضة يجب ان تكون سبيل لتجميع الشعوب والناس لا لتفرقتهم .

– وحيث انه أشار في هذا المقال عن التاريخ السيء للرياضة في فقرة بعنوان (التاريخ الأسود للرياضة) وحيث نص في هذه الفقرة على ان الرياضة في العصر السابق كانت تعزز الأسس العنصرية والتمييز ما بين الطبقات حيث كانت الرياضة مقصورة على الملوك والامراء .

– وحيث أشار ايضاً هذا المقال على ان الرياضات العنيفة تعزز من العنف عند الأشخاص وأشار ايضاً انتلك الرياضات تهدد من سلامة المجتمع .

– ومما سبق نستنتج أن التمييز بين الرياضيين قضية معقدة تتطلب جهوداً مشتركة من قبل جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الاتحادات الرياضية والحكومات والوسائل الإعلامية والجمهور. يجب العمل على خلق بيئة رياضية عادلة ومتساوية للجميع، حيث يتم تقييم الرياضيين بناءً على أدائهم وقدراتهم الفعلية، وليس على أساس أي عوامل أخرى