مصر وانضمامها لبريكس الحلم والطريق لعام 2050 كتابة الدكتورة جيهان على الجزار
تردد في الآونة الأخيرة مصلح أو تعبير البريكس، وثار الكثير من التساؤلات حول ماهيته وما هو هذا التجمع وما هي الأسباب التي أدت إلى وجوده وما هي المكانة الاقتصادية لهذا التكتل ومستقبله أو الدور المتوقع أن يلعبه في النظام والاقتصاد العالمي وما هي الفوائد التي تعود على مصر من الانضمام إلى هذا التجمع وماهي التحديات والمعوقات التي من يمكن أن تقابل هذا التكتل، وسوف نتناول بشكل مبسط هذا التكتل فيما يلي:
-مقدمه عن تكتل البريكس وماهيته وتطور التكتل
يعد تكتل البريكس تحالف اقتصادي[1] يضم خمس دول رئيسية بغرض تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين هذه الدول، حيث يضم التحالف أكبر الاقتصادات في العالم ولها تأثير كبير على الساحة الدولية، وتهدف منظمة بريكس إلى تعزيز التعاون في مجموعة متنوعة من المجالات بما في ذلك التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة والشؤون السياسية، وكذا المناقشات الدولية حول قضايا دولية مثل تغير المناخ والأمن العالمي وإصلاح هياكل الحوكمة العالمية.
ويرجع مصطلح بريكس إلى الخبير الاقتصادي البريطاني جيم أونيل والذي يعمل محللاً بشركة جولدمان ساكس Goldman Sachsالاستثمارية إذ يعد هو أول من صاغ لأول مرة وذلك في العام 2001، وذلك في الورقة الاقتصادية العالمية رقم 66 وكانت تحت عنوان بناء عالم اقتصادي أفضل بريك، حيث اعتبر تجمع هذه الدول ذات الاقتصاد المتنمي كنموذج اقتصادي بديل في هيكل التمويل في العالم، وذلك اعتماداً في هذا على نمو الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول وهي البرازيل وروسيا والهند والصين- كقوى اقتصادية صاعدة قد تلعب دوراً أكبر في صنع السياسات الاقتصادية العالمية، وقد استعمل الأحرف اللاتينية الأولى من أسماء هذه الدول، BRIC ،
وقد وجه الانتباه إلى النمو الاقتصادي لأسواق أربعة اقتصاديات ناشئة؛ حيث أوضح أونيل في ورقته هذه مدى وقوة تأثير العامل البشري على الأداء الاقتصادي لتلك الدول وانتهى إلى أنه كلما زادت هذه الدول من انتاجيتها سوف تصبح عملاق اقتصادي واعد، على مدى الخمسون عاماً القادمة، وذلك بسبب تأثير العامل البشري وحجم أسواقها ونمو وازدهار التجارة العالمي ومعلوم أنه كلما كان للدول مصالح مشتركة فأنها تتفق على تكوين تجمع او تكتل والذي يمثل تعبيراً عن هذه المصالح المشتركة، وعموماً التكتل او التجمع يضم دولتين او اكثر ويفترض مصالح متماثلة وخطاً استراتيجياً معيناً،
وتجدر الإشارة هنا إلى المصالح المشتركة والخطي الاستراتيجية تتم ذلك وفق شروط معينة تتفق عليها الدول التي تنوي تكوين التجمع أو التكتل خاصةً، وذلك فى ظل ازدياد الرغبة في التخلص من سيطرة الدولار الأمريكي على معظم دول العالم خلال المئة عام المنصرمة، وتصاعد الدعوات لإنهاء هذه الهيمنة الدولارية على الاقتصاد العالمي، واستياء كثير من الدول لاستخدام العملة كسلاح سياسي بدلا من كونها عملة تجارية عالمية.
وقد أصبحت هذه المجموعة لها شعبية كبيرة دولياً خاصةً بعد انضمام جنوب أفريقيا عام 2010 حيث تم إضافة الحرف الخامس وأصبحت BRICs وبضم جنوب أفريقيا، حقق التجمع خاصية شاملة بإضافة منطقة من أفريقيا الأقل تمثيلا نسبيًا في الساحة العالمية وأصبح هذا التجمع محط الأنظار ومعقود عليه آمال كثيرة في إحداث توازن في التكتلات العالمية، ومنافسة اقتصاد أغنى الدول في العالم.
وتكمن أهمية التكتل في أن أعضاءه يُمثلون أكثر من 42% من سكان العالم، وقرابة 23% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و18% من التجارة العالمية، كما يجمع التكتل بين اقتصاديات لدول ذات تأثير إقليمي ودولي متزايد فضلاً عن إنها قوى ثقافية وعسكرية، إضافةً إلى النمو الاقتصادي القويّ لدول التجمع والذي تحقّق على مدى العقد الماضي، واستراتيجيّات وخطط التنمية التي جاءت معبِّرة عن كيفيّة الاندماج في الاقتصاد العالمي، خاصةً بعد أن أضحت الصين أكبر مُصَّدر وثاني أكبر قوّة اقتصادية في العالم، والبرازيل كقوّة زراعية رئيسية في العالم، لكونها تسيطر على الأسواق العالمية بصادراتها من المنتجات التقليدية (البنّ)، فضلاً عن سيطرتها على أسواق السلع الجديدة، والسريعة النمو، مثل المنتجات المعدَّلة وراثياً، والوقود الحيوي هذا فضلاً عن إن روسيا هي المصدِّر الرئيسي للنفط والغاز إلى أوروبا وإلى معظم دول الجوار، كما إن الهند تعد مناخ جيد للإستثمار بحيث تساهم فى نمو الشركات المتعدّدة الجنسيات وتزدهر في الأسواق العالمية، سواء على صعيد تجارة الخدمات الدولية أم على صعيد الصناعات التي كانت تُهيمن عليها البلدان الصناعية القديمة (كالصلب وصناعة السيارات).
فيما أصبحت جنوب أفريقيا، في غضون سنوات قليلة، قوّة دبلوماسية ومالية للقارّة الأفريقية والدول المكونة لهذه المجموعة متنوعة حضارياً (الحضارات الاسيوية واللاتينية والافريقية والاوربية)، وجميع هذه الحضارات تشتمل على نسق فكري له مؤثر في العالم، ومما تقدم يتضح لنا ماهية هذا التكتل.
تطور التكتل[1].
يعد تحالف ال BRICS)) تحالف اقتصادي في المقام الأول بالإضافة إلى كونه تحالفاً سياسياً، وقد تأسس هذا التحالف في بداية القرن الواحد والعشرين، إذ في عام 2006عُقدت أول قمة رسمية لدول BRIC في موسكو، روسيا. وفي هذه القمة تمت مناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين هذه الدول، وفي عام 2010 عقدت قمة رسمية لدول BRIC في برازيليا، وخلال هذه القمة، تمت اتفاقية تأسيس تكتل البريكس الرسمي، وقد تمت إضافة دولة جنوب أفريقيا إلى التكتل، مما جعله يصبح BRICS بدلاً من BRIC ومنذ ذلك الوقت ودول التكتل تعقد قممًا سنوية لبحث القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وكان آخر هذه القمم هو قمة أغسطس لعام 2023 والتي عقدت جوهانسبرج بجنوب أفريقيا وفيها تم دعوة كل من مصر والسعودية والإمارات والأرجنتين وأثيوبيا وإيران للانضمام إلى هذا التكتل.
أهداف التكتل
هدفت منظمة بريكس إلى تحقيق العديد من الأهداف والمطالب الاقتصادية والسياسية، حيث عملت بريكس في بدايتها على حل مشكلتين أساسيتين وهما مشكلتها مع صندوق النقد الدولي والتي تخضع اغلبيتها تحت السيطرة الامريكية، وكان هدف بريكس هو توزيع القوة التصويتية لمجلس إدارة الصندوق بطريقة عادلة، وذلك فى أعقاب تطور الاوضاع الاقتصادبة، حيث ان في عام 2010 تخطت الصين اليابان لتصبح ثاني اقوى اقتصاد في العالم بعد أمريكا لكنها تحوز على 3,7% من اجمالي القوى التصويتية لتكون في المرتبة السادسة بعد الولايات المتحدة, واليابان, وألمانيا, وفرنسا, والمملكة المتحدة.أما ثانيهما كانت متعلقة بمجلس الامن الدولي التابع للأمم المتحدة وذلك لان الهند والبرازيل وجنوب افريقيا ليسوا ممثلين فيه والذي بدوره لا يعطيهم حق الفيتو.
ولقد نجحت منظمة البريكس على حل المشكلة الأولى بشكل جزئي ففي عام 2010 حيث تم الاتفاق على تعديل الاوزان التصويتية لصندوق النقد الدولي لجعل الاقتصادات الناشئة لها قوة تصويتية اكبر وتأثير
اكبر على قرارات الصندوق، وقد تم تعطيل هذا الاتفاق الى ان تم تنفيذه بموافقة الكونجرس الأمريكي في ديسمبر عام 2015 ومنذ ذلك الوقت أصبحت الصين والهند والبرازيل وروسيا هم اكبر عشر مساهمين في صندوق النقد الدولي، واصبح لديهم قوة تصويتية اكبر في الصندوق وفي الوقت الحالي فان الصين تمتلك ثالث اكبر قوة تصويتية في الصندوق بعد الولايات المتحدة وبفارق ضئيل من اليابان، وبالرغم من مماطلة الكونجرس الأمريكي على الموافقة على توزيع الأصوات فان للمؤتمرات التي كانت تنعقد سنويا الدور الكبير في تنمية هذا التعاون لما كانت تركز عليه من تطوير التعاون ما بين الدول الأعضاء، ومن اهم القمم التي انعقدت بين دول البريكس كانت القمة السادسة لدول البريكس والتي انعقدت في مدينة فورتاليزا بالبرازيل عام 2014 حيث كانت قرارات القمة تاريخية، حيث تم الاتفاق على تنظيم اول بند يفيد المنظمة وهو بنك التنمية الجديد برأس مال قيمته 50 مليار دولار، بالإضافة الى انشاء صندوق احتياطيات الطوارئ برأس مال مبدأي قيمته 100 مليار دولار والهدف من تأسيس الصندوق هو توفير الدعم المالي وتوفير السيولة لدول الأعضاء خلال الازمات الاقتصادية، وقد اصبح بنك التنمية الجديد الذي يضم بنجلادش والامارات العربية المتحدة ومصر الى جانب الدول الأعضاء من اهم مؤسسات التمويل على مستوى العالم حيث يتم تمويل مشاريع البنية التحتية في أماكن متعددة حول العالم.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الهدف الأساسي الذي تسعى وراءه دول البريكس من خلال تأسيس تلك المؤسسات، هو توطيد التعاون بين الأعضاء من جانب وخلق ثقل موازي للمؤسسات التابعة للدول الغربية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من جانب أخر، ولقد عمل بنك التنمية الجديد بتمويل عشرات المليارات للمشاريع في دول البريكس كمشاريع الطاقة المتجددة في البرازيل ومشاريع السكك الحديدية في الهند ومشاريع الطرق في روسيا، كما إن البنك في الفترة ما بين 2022 الى 2026 يخطط لتقديم الدعم المالي بقيمة 30 مليار دولار للدول الأعضاء[1].
وحيث زادت رغبة دول التكتل في الحد من السيطرة الدولارية أو ما يعرف بالحد من سيطرة العملة الواحدة، ومثل هذا الهدف هدفاً مشترك لبعض دول تكتل البريكس، خاصةً الصين وروسيا، وفقد أشار بعض
المسؤولين والمحللين إلى أن دول التكتل يرغبون في تقليل اعتمادهم على الدولار الأمريكي في التجارة والاستثمار والعمليات المالية، وهذا الهدف يأتي في إطار تنويع العملات والاقتصادات المستخدمة في العلاقات الدولية، وذلك لتقليل التبعية الكبيرة للدولار الأمريكي، ورغبةً في كسر الهيمنة الاقتصادية والسياسية للاقتصاد الأحادي القطب (مثل الولايات المتحدة)، كما يهدف التكتل أيضاً إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء.وكذلك يعمل التكتل على تحقيق التوازن في العلاقات الدولية وتعزيز دورها في صنع القرار الدولي.من خلال دعم وتقوية وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بين دولها الأعضاء، وتعزيز التنوع والتعددية في العلاقات الدولية. وبالتالي، يمكن أن تلعب مساهمة تكتل البريكس دورًا هاماً في تحقيق توازن أكبر في القوى الدولية.
وفي سبيل ذلك لا بد من تواجد تبادل بالعملات المحلية أي تبدأ دول البريكس إلى أن يتم إصدار العملة الموحدة التي تجمعهم أن تقوم بالتبادل التجاري فيما بينهم وبين بعضهم البعض بالعملات المحلية لها وفي التجارة المشتركة بينهم بدلاً من الدولار الأمريكي، والعمل على.إقامة البنية التحتية للتمويل المشترك من دول التكتل لإقامة بنى تحتية لتبسيط التمويل المشترك والتجارة المباشرة بينهم، والبحث عن بدائل مالية من خلال التعاون في تطوير منصات مالية بديلة مثل بنك البريكس لتمويل المشاريع التنموية.والدعوة إلى إصلاحات في النظام المالي الدولي تعمل دول التكتل بدعوة إلى إصلاحات في النظام المالي الدولي لتحقيق مزيد من التوازن والعدالة في الأنظمة المالية الدولية.
ويعد تكتل البريكس هو منصة للدول الأعضاء فيه لتحقيق المصالح المشتركة والتعاون فيما بين الدول الأعضاء فيه[1]، ولذلك سعت كل عضو في تحقيق أهدافها، وتعتبر روسيا والصين وهما عضوان هامان في تكتل البريكس ولديهما أدوار مهمة في هذا التكتل.
إذ تهدف روسيا إلى استعادة دورها الهام على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري العالمي واستعادة التوازن بوجود تكتل جديد يعيد لها قوتها وكلمتها خاصةً بعد سقوط الاتحاد السوفيتي واستعادة دورها وتأثيره في صناعة القرار الدولي، وتهدف روسيا إلى تعزيز التعاون الاقتصادي داخل تكتل البريكس. وتعمل على تعزيز التجارة والاستثمار بين دول التكتل. وكذلك لها دور فاعل في مجال التعاون السياسي حيث تعمل
على تعزيز التعاون السياسي بين دول التكتل في مجموعة متنوعة من القضايا الدولية، مثل قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب والشؤون الإقليمية ودعم الإصلاحات للنظام المالي الدولي بهدف تحقيق توازن في القوى الدولية وتقليل التبعية للدور والدولار الأمريكي، ولها دور كبير ومؤثر في مجال. الشؤون الاقتصادية والطاقة حيث تعمل على تعزيز التعاون في مجال الطاقة والموارد الطبيعية مع دول أخرى في تكتل البريكس.
وكما تهدف الصين في تكتل البريكس لما لها من دور الاقتصادي رائد لأن الصين تعتبر أكبر اقتصاد في تكتل البريكس حيث تهدف الصين إلى تعزيز وتقوية موقعها كواحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، والعمل على زيادة التجارة والاستثمارات على مستوى العالم بصفة عامة والبريكس بصفة خاصة فضلاً عن أن تكتل البريكس يوفر للصين فرصة توسيع التأثير على الاقتصاد العالمي وتعزيز التعاون السياسي مع دول التكتل لتحقيق المصالح السياسية والأمنية المشتركة. وتنمية وتقوية التعاون الاقتصادي والتجاري مع الدول الأخرى في التكتل وزيادة الوصول إلى الأسواق والاستثمارات وفتح أسواق جديدة لها وتلعب دورًا هاماً في تعزيز التجارة والاستثمار والنمو الاقتصادي للتكتل.
وتسعى الصين إلى تعزيز تحالفاتها الاقتصادية والتجارية مع دول التكتل.فضلاً عن دورها الفاعل في تعزيز التعاون البنكي والمالي حيث ساهمت بدور كبير في إنشاء بنك البريكس، وهو مؤسسة مالية تهدف إلى تقديم التمويل للمشاريع التنموية في دول التكتل وخارجها.ولا يمكن اغفال دورها في الشؤون الدولية حيث تلعب الصين دورًا هاماً في تعزيز التعاون السياسي وتنسيق المواقف في المنتديات الدولية مع باقي دول التكتل.ولها دور كبير في تحقيق التنمية [1].وتعزيز التعاون في مجالات التنمية المستدامة والتغير المناخي، وهي قضايا تهم جميع دول التكتل. وجدير بالذكر أن روسيا والصين لديهما أهداف مشتركة ومصالح مشتركة في تكتل البريكس، ولكنهما أيضًا يحتفظان بسياساتهم الوطنية والقضايا الخاصة بهم.
ولا يمكن لنا ألا نذكر دور وأهداف كل من الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا في تكتل البريكس، حيث تهدف البرازيل إلى تقوية التعاون الاقتصادي مع الدول الأعضاء الأخرى في تكتل البريكس، وزيادة فرص التجارة والاستثمار.فضلاً عن تعزيز التعاون في المجال السياسي والدبلوماسي مع دول التكتل، والعمل معها على توحيد الموقف الدولي لدول التجمع فضلاً عن تحقيق الاستقرار والأمن في منطقة أمريكا الجنوبية
ووجودها في هذا التكتل سيساعدها في تحقيق هذا الهدف فضلاً عن رغبة البرازيل وسعيها إلى التعاون مع أعضاء التكتل في مجالات مثل التنمية المستدامة وحقوق الإنسان ومكافحة التغير المناخي: وفتح أسواق هامة بالنسبة للمنتجات التي تصدرها، والعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بين دول التكتل وتحقيق مصالحهم الوطنية والعمل مع باقي الدول الأعضاء لتعزيز دور التكتل على الساحة الدولية.
فضلاً عن هدفها كاقتصاد ناشئ إلى زيادة فرص الاستثمار وتوسيع التجارة الخارجية وتعزيز دورها الإقليمي في منطقة أمريكا الجنوبية وتحقيق الاستقرار والتعاون الإقليمي في هذه المنطقة من خلال تقوية وإبراز دورها في الاقتصاد العالمي وصناعة القرار فيه، والعمل على الحل المشترك للتحديات العالمية مع دول التكتل مثل التغير المناخي والأمن السيبراني. وتأكيد وتقوية التعاون والتبادل الثقافي مع دول التكتل ولا يمكن أن نغفل الدور الفاعل والهام لدولة البرازيل في البريكس لما تحظاه من أهمية في مجال الزراعة والتجارة حيث تعد البرازيل من الدول الكبرى في مجال الزراعة والتصدير للمنتجات الزراعية كالبن مثلاً، وهي تسعى لتعزيز التجارة والاستثمار في هذا القطاع مع باقي دول التكتل.
وتعمد البرازيل إلى تقوية وبناء البنية التحتية والتنمية المستدامة في مناطق مختلفة وسوف يتأتى لها ذلك بوجودها في هذا التكتل، .ولا يمكن أن نغفل دورها في الدعوة إلى التعاون الدولي بشكل موسع في قضايا مثل التغير المناخي والتنمية المستدامة.
وحيث يبرز الدور والهدف الهندي في البريكس من خلال تقوية الاقتصاد والتجارة مع دول البريكس، إذ تعتبر الهند إحدى أكبر الاقتصادات في التكتل، وتهدف أيضاً إلى تقوية مكانتها كاقتصاد ناشئ وتوسيع وجودها في الأسواق العالمية وزيادة فرص الاستثمار والتجارة فضلاً عن .زيادة التعاون الدولي مع دول التكتل في أمور التنمية المستدامة ومكافحة الإرهاب والأمن السيبراني وتهدف أيضا ًلزيادة التمثيل الدولي لها في المؤسسات الدولية وزيادة تأثيرها في صنع القرار الدولي، وتهدف أيضاً إلى تقوية التبادل الثنائي مع البرازيل وجنوب أفريقيا في مجموعة متنوعة من القطاعات بما في ذلك التجارة والاقتصاد والثقافة.
كما تعمل على تعزيز التجارة والاستثمار بين دول التكتل ومع العالم الخارجي، وتحقيق التعاون في مجال الطاقة حيث تسعى للتعاون مع باقي دول التكتل في مجالات الطاقة المتجددة والمستدامة، فضلاً عن الدور الكبير لها في وجود ونشأة وتطور الشركات متعددة الجنسيات،
أما جنوب أفريقيا فلها دوراً هام في قارة أفريقيا هذه المنطقة الأقل نسبياً في التمثيل العالمي، حيث عملت على تعزيز الاقتصاد والتعاون الإقليمي في قارة إفريقيا وتعزيز الاقتصاد الأفريقي. ومكافحة الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في القارة الإفريقية. والدور الهام في قضايا الأمن والسلم والاستقرار والأمن في المنطقة والعالم، بينما تسعى جنوب أفريقيا تحقيق التنمية المستدامة والاقتصاد المزدهر وتخفيف
الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية والعمل مع دول التكتل على مكافحة التحديات الإقليمية مثل الاستقرار في إفريقيا وتعزيز السلام والأمن وتوسيع التعاون الدولي مع دول التكتل في مجموعة متنوعة من القضايا الدولية.
ولا شك أن دور هذه الدول الخمسة يسهم في تعزيز تواجد تكتل البريكس في مجموعة متنوعة من القطاعات والقضايا الدولية، مما يعزز من تأثيرها على الساحة الدولية ويساهم في تحقيق مصالحها والعمل المشترك فيما بينهم.
ويعتبر البريكس حالياً يشكل حوالي ربع الاقتصاد العالمي بنسبة 23 بالمئة و18 بالمئة من خدمات تجارة السلع العالمية و25 بالمئة من الاستثمار الأجنبي فقد أصبح للبريكس ثقلا عالميا لا يستهان به ولا يمكن تجاهله في الاقتصاد العالمي وهذا ما بدأ يزيد من قلق الولايات المتحدة لازدياد قوة التعاون المشترك بين الأعضاء وتوسع مجالات التعاون فيما بينهم، وما زاد من القلق الأمريكي ما تم في اخر قمة عقدت بين الدول الأعضاء في الصين حيث تناقش زعماء الدول الأعضاء بتدشين عملة احتياطية دولية يمكن استخدامها في تسوية المعاملات الدولية والذي بدوره يشكل تحد واضح للدولار الأمريكي، وقد تم أيضا مناقشة تأسيس نظام مدفوعات دولية خاصة بالدول الأعضاء والذي بدوره شجع دول كثير للطلب الانضمام للمنظمة والاستفادة من المميزات التي تعود من عضوية تلك المنظمة حيث طلبت أكثر من 12 دولة الانضمام إليها. .
الهيكل التنظيمي لتكتل البريكس[1].
معلوم أن تكتل البريكس هو تكتل يعتمد في الأساس على التعاون بين دوله الأعضاء وليس لديه تنظيم هيكلي مركزي مثل المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي ولكن يمكن إجمال هذه التنظيمات الهيكلية للتكتل على النحو التالي:
1- قمة البريكس (BRICS Summit): :ويعتبر هذا الهيكل هو الهيكل الرئيس في اتخاذ القرارات في تكتل البريكس، . ففي هذه القمة تجتمع قادة الدول الأعضاء سنويًا، لمناقشة واتخاذ القرارات حول مجموعة متنوعة
من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين الدول الأعضاء سواء في مجال التجارة أو الاقتصاد أو الأمن أو السياسة الدولية، حيث يتبع في تنظيمه هذه الإجراءات:
أولاً: التجهيزات التحضيرية: التحضيرات لقمة البريكس تتم على مدى عدة أشهر سابقة على انعقاد القمة ويتم فيها التنسيق بين دول البريكس لتحديد جدول الأعمال والقضايا المطروحة على جدول الأعمال والتي سيتم مناقشتها في القمة. من قبل زعماء الدول الأعضاء بالتكتل.
ثانياً: تحديد الدولة المضيفة لأعمال القمة: تقوم الدول الأعضاء بتحدي الدور للدولة المضيفة لقمة البريكس. وهذه الدولة تكون مسؤولة عن تنظيم الفعاليات وتقديم الضيافة للزعماء والوفود الدبلوماسية وكل ما يخص. الحماية الأمنية لزعماء الدول في التكتل.
ثالثاً: تحديد الجدول الزمني لأعمال القمة والقضايا محل المناقشة: وتشمل القضايا الهامة ومجموعة متنوعة من الموضوعات مثل التعاون الاقتصادي والتجارة والاستثمار والتنمية المستدامة ومكافحة التغير المناخي وقضايا الأمن الدولي والتعاون في مجالات أخرى: قمة البريكس تستمر لعدة أيام، ويشمل جدول أعمالها جلسات رسمية جماعية واجتماعات ثنائية وجلسات عمل، وعلى مدار أيام القمة يتم خلالها مناقشة جدول الأعمال من القضايا سواء على مستوى الاقتصاد والتجارة والأمن والسياسة الدولية.
من هم المشاركون بالقمة: يحضر ويشارك بقمة البريكس قادة الدول الأعضاء بالتكتل، وهم رؤساء دول التكتل ورؤساء الحكومات، وقد يحضر رؤساء الحكومات حال عدم تمكن القادة من الحضور، ويمكن أن يحضر أعمال القمة عدد من المسؤولين الحكوميين والوفود الدبلوماسية من الدول الأعضاء كما يمكن دعوة بعض الدول أو الشخصيات أو المنظمات غير الأعضاء للمشاركة كضيوف. وهذا يساهم في تعزيز التعاون بين تكتل البريكس ودول ومنظمات أخرى. بما يعود بالنفع على التكتل ودوله.
رابعاً: البيان الختامي للقمة: في نهاية جدول أعمال قمة البريكس، يلي ذلك إصدار بيان ختامي يلخص نتائج وقرارات القمة. ويتم فيه التأكيد على التزام دول التكتل بتعزيز التعاون وتحقيق أهداف التكتل. وتقدم قمة البريكس فرصة هامة لقادة الدول الأعضاء للتباحث واتخاذ القرارات بشأن القضايا الدولية المهمة وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي بين الدول الأعضاء.
خامساً: لجان فنية ومجموعات عمل: يتم تشكيل لجان فنية، وفرق عمل مختلفة ضمن تكتل البريكس وذلك للعمل في مجموعة متنوعة من القضايا، وهذه اللجان والفرق تتعامل مع مجموعة واسعة من القطاعات مثل الاقتصاد والتجارة والطاقة والتعليم والثقافة والبيئة. وكل ما يهم التكتل من موضوعات.
– تأسيس البريكس لمؤسسات مالية بديلة “بنك البريكس” بنك التنمية الجديد NDB وبنك الاحتياطي الطارئ CRA: يعد بنك البريكس الذراع الهام والمعول عليه في إحداث التوازن في مجال التمويل للدول وبديلاً وموازياً لصندوق النقد الدولي، ويعتبر إنشاء بنك البريكس كمؤسسة مالية لدعم المشروعات التنموية والبنية التحتية في دول التكتل وخارجها من أهم الأهداف التي يطمح لها تكتل البريكس، ويعمل البنك على توفير التمويل للمشروعات ذات الأولوية لتكتل البريكس وفيه تسعي الصين وروسيا لخلق درجة من التعددية في النظام الاقتصادي العالمي، سواء في إطار التعاملات التجارية أو المؤسسات المالية والنقدية، كما تشجع دول البريكس المعاملات بينها باستخدام العملات المحلية وبدأت في ذلك بالفعل.وكانت دول البريكس قامت بتأسيس بنك التنمية الجديدNDB برأسمال أولى قدره ٥٠ مليار دولار أمريكي عام 2014 ، وينظر له البعض على أنه بديل للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، يضاف إلى ذلك إنه تم إنشاء آلية سيولة، أو ما سمى ترتيب الاحتياطي الطارئ CRA، لدعم الأعضاء الذين يعانون من صعوبات في المدفوعات، وتعتبر هذه الخطوات هامة في طرح بدائل تنموية جديدة، وقد اصبح بنك التنمية الجديد الذي يضم بنجلادش والامارات العربية المتحدة ومصر الى جانب الدول الأعضاء من اهم مؤسسات التمويل على مستوى العالم، حيث يتم تمويل مشاريع البنية التحتية في أماكن متعددة حول العالم والهدف الأساسي الذي تسعى وراءه دول البريكس من خلال تأسيس تلك المؤسسات، هو توطيد التعاون بين الأعضاء من جانب، وخلق ثقل موازي للمؤسسات التابعة للدول الغربية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ولقد عمل بنك التنمية الجديد بتمويل عشرات المليارات للمشاريع في دول البريكس، كمشاريع الطاقة المتجددة في البرازيل ومشاريع السكك الحديدية في الهند ومشاريع الطرق في روسيا، ويلاحظ أن ما تم مناقشته في القمة التي عقدت بين الدول الأعضاء في الصين يعتبر اتجاه نحو الصعود العالمي للتكتل، حيث تناقش زعماء الدول الأعضاء بتدشين عملة احتياطية دولية يمكن استخدامها في تسوية المعاملات الدولية والذي بدوره يشكل تحد واضح للدولار الأمريكي، وقد تم أيضا مناقشة تأسيس نظام مدفوعات دولية خاصة بالدول الأعضاء والذي بدوره شجع دول كثير للطلب الانضمام للمنظمة والاستفادة من المميزات التي تعود من عضوية تلك المنظمة، حيث طلبت أكثر من 12 دولة الانضمام إليها، ومنذ إنشاء هذا البنك فقد أصدر أكثر من 35 قرضًا للبنية التحتية، بإجمالي 10.2مليار دولار على العديد من القطاعات، من الطاقة المتجددة إلى النقل. وبشكل مثير للإعجاب، تمكن البنك أيضًا من الحصول على تصنيفات ائتمانية عالية-وهو عنصر حاسم لضمان قدرة البنك على زيادة رأس المال بسرعة. وفي عام2018 ، حصل بنك التنمية الجديد على تصنيف AA + من كل من ستاندرد آند بورز ) S&P ( وفيتش، قبل أن يحصل على تصنيف AAA من وكالة التصنيف الائتماني اليابانية عام 2019 ، وقد خصص البنك 10 مليارات دولار لمكافحة وباء كورونا،في
حين أن محفظته الإجمالية من المشاريع الاستثمارية تتجاوز الآن 20 مليار دولار. ويتم تنفيذ ما يصل إلى 62 مشروعًا كبيرًا في دول البريكس، وبعد تولي رئاسة بنك «التنمية الجديد » في مارس 2023 ، أكدت ديلا روسيف، الرئيس السابق للبرازيل، على استراتيجية البنك المستقبلية لتمويل المشاريع بالعملات المحلية، وبذلك يتم التعاون بين دول التكتل في إصلاح النظام المالي الدولي ، وبالتالي رعاية الأسواق المحلية وحماية المقترضين من تقلبات أسعار الصرف المتقلبة.
تعاظم الدورالإقتصادي لتكتل البريكس عالمياً وانفتاح دول «البريكس » على توسيع العضوية[1].
ظهر تجمع البريكس في المجتمع الدولي كأقوى تجمع في العالم بل وصف هذا التكتل بأنه هو قاطرة النمو العالمي، وشكل الصعود الاقتصادي لتكتل البريكس تحولاً جيو- سياسيًا مهماً، حيث تعقد عليها الآمال في أن تكون البديل عن«النظام العالمي الليبرالي »، الذي تقوده الولايات المتحدة، خاصةً بعد تجاوز الناتج المحلي الإجمالي لدول «البريكس » مجموع الدول الصناعية السبع الكبرى المتقدمة الذي تقوده الولايات المتحدة.
حيث تلاحظ أنه إبان جائحة كورونا والتي أصابت معظم اقتصادات العالم بالانكماش وكان سبباً في تباطؤ اقتصادات مجموعة السبع الصناعية الكبرى، استمرت فيه اقتصادات «البريكس » ، وخاصة اقتصادات الصين والهند في إظهار إمكانات قوية.
كما تلاحظ أيضاً أنه في الوقت الذي انخفض وانكمش فيه الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى من إجمالي الناتج العالمي المسجل في عام 1982، حيث انخفض من 50.42 % إلى 30.39 % في عام 2022 ، نجد ازدياد قوي الناتج المحلي الإجمالي لدول «البريكس عن ذات الفترة، حيث ارتفع معدل الناتج المحلي لها عن تلك الفترة من 10.66 % إلى 31.59 % ، مما يعني أنه كان لتوسيع التجارة بن دول «البريكس » أكبر الأثر والفضل في تقويتها وتطويرها،
لقد كان لتجميد الأصول الروسية من قبل الغرب أكبر الأثر في أن يتجه أعضاء التكتل إلى البحث عن وسيلة بديلة لتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي، بل أن الأمر أصبح أولوية بالنسبة لأعضاء التكتل،
حيث وضع بعض أعضاء «البريكس » بالفعل آليات لاستخدام العملات المحلية الخاصة بدولها حيث عملت الصين على استخدام اليوان كعملة تبادل تجاري بينها وبين الدول التي تقوم بالتبادل التجاري معها بل أنها اتجهت إلى ما يعرف بعولمة اليوان، كما انتهجت الهند نفس النهج حيث طورت نيودلهي أيضًا ترتيبات للتجارة بالروبية الهندية مع 18 دولة، وعلى الرغم من أن تجمع البريكس شهد في بداياته احجاماً عن الانضمام إليه، إلا أن الصين كانت أكبر المؤيدين لهذا التجمع والتوسع في عضويته على العكس من الهند التي ما كانت توصف على الدوام بالعضو المتردد في الانضمام، لكن في نفس الوقت كانت روسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا يتوقون إلى وجود هذا التكتل وإلى التوسع في عضويته، وكانت للحرب الأوكرانية- الروسية أكبر الأثر في رغبة دول التكتل للتوسع في عضوية التكتل ليشمل كثير من الدول الغير منتمية له، الأمر الذي ترتب عليه وجود نقاشات عديدة داخل التكتل حول المعايير المطلوب توافرها لقبول أعضاء جدد في التكتل، واستقر الرأي فيما بين أعضاء التكتل على أن التوسيع في إعطاء العضوية سيحتاج إلى إعطاء الأولوية للاقتصاديات الرائدة في الأماكن الغير ممثلة من قبل في تكتل «البريكس » ولكن لا يزال هناك شعور بأن توسع «البريكس » يحتاج على المدى الطويل إلى منح تمثيلاً أكبر لكل من أفريقيا وأمريكا اللاتينية، ولذلك فقد يعطي ما يعرف بالتشكيل القائم على 3 + 3 + 3 لتكتل البريكس انتشاراً أوسع على مستوى العالم حيث سيتم تمثيل أكبر3 اقتصادات من آسيا كالسعودية وأندونسيا وإيران و3 أكبر اقتصادات من إفريقيا كمصر والجزائر وأثيوبيا و 3 أكبر اقتصادات من أمريكا اللاتينية كالأرجنتين والمكسيك في قلب مجموعة «البريكس »،
وذلك علي أن تشكل دائرة شراكة وتعاون يعمل على التقدم الاقتصادي لهذا التكتل بعد توسعة عضويته، مع اعضاءه الذي بدأ بهم التكتل، ويمكن القول أن تكتل البريكس أصبح محط الأنظار والاهتمام لجميع الدول التي شاركت بشكل منتظم في قمم «البريكس وفي المناقشات المتعلقة بتوسيع البريكس، والتي أعربت فيها عن اهتمامها بالعمل جنبًا إلى جنب مع دول «البريكس » ،حيث يطمحوا جميعاً وبشكل متزايد في أن تصبح البريكس منصة شاملة تقيم روابط تعاونية في جميع أنحاء العالم النامي.
وفي هذا الصدد، من المهم عند تصميم توسعاتها أن تظل مجموعة «البريكس » في صدارة المنحنى، ويتعين على التكتل وبدلاً من أن يقوم بمجرد الرد على طلبات العضوية فقط أن ينشئ إطارًا شاملاً طويل الأجل يمكن أن يقدم مجموعة من طرق التعاون لأي اقتصاد نامٍ في الجنوب العالمي ، وكان لتقدم ما يقرب من 23 دولة بطلب رسمي للانضمام إلى التكتل وهذه الدول تمثل أكثر من 3 مليارات نسمة من سكان العالم، ولقد كانت لقمة أغسطس في جوهانسبيرج لعام 2023 في جنوب أفريقيا تطبيقاً لتلك التوسعة غير المسبوقة في منح عضوية التكتل لأعضاء جدد حيث تمت الموافقة على إعطاء العضوية لست دول من تلك التي تقدمت بطلب الانضمام، حيث دعت مجموعة البريكس ممثلةً في رئيس قمتها كل من مصر وأثيوبيا والسعودية
والأرجنتين والإمارات وإيران للانضمام إلى التكتل وأن هذا الانضمام سيكون من بداية يناير لعام 2024، حيث سيعمل توسعة العضوية إلى تعزيز المجموعة وإعطاء زخماً للعمل المشترك بينها فضلاً عن دورها المنتظر في إقامة نظام اقتصاد عالمي جديد، وأن هذه التوسعة هي انطلاقة جديدة للتعاون بين البريكس فضلاً عن منحها قوة لتعزيز الدفع باتجاه السلام والتنمية بالعالم.
مدى إمكانية إصدار عملة موحدة لدول البريكس[1].
ناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أواسط عام 2023 محاولة خلق عملة جديدة للتعاملات الأجنبية في الاستيراد والتصدير مع أعضاء منظمة بريكس، وذلك كخطوة أساسية للاستغناء عن الدولار الأمريكي خاصة بعد فرض أمريكا ودول الغرب العقوبات المتنوعة في التصدير والشؤون المالية على روسيا والذي بدوره قد جعل موسكو تفكر في خطط بديلة لتجاوز تلك العقوبات، إذاً فما هي العملة الجديدة التي بدأت بريكس بدراسة انشائها؟ وما مدى نجاح تلك العملة في الاستغناء عن الدولار؟ وما هي الصعوبات التي قد تساهم في انشاء عملة موحدة لبريكس.
طبيعة عملة بريكس الموحدة[2]
ان عملة بريكس الجديدة ستعتمد على خمس عملات في سلتها وهي: الروبل الروسي، اليوان الصيني, الروبية الهندية, والريل البرازيلي, والرند الجنوب افريقي والذي بدوره يحد من طابعها المركزي وبالتالي يجعلها
اكثر استقرارا من الدولار الأمريكي الذي شهد انخفاضا في نسبة الاحتياط العالمي بنسبة 8 بالمئة في عام 2022، وعلاوة على ذلك فمن المرجح بان تكون العملة الموحدة لبريكس مدعومة بالمعادن النفيسة كالذهب لتصبح اول عملة تكون مدعومة بالذهب من اكثر من نصف قرن مقارنة بالدولار الأمريكي المدعوم فقط بالقوة السياسية والعسكرية وذلك يجعل عملة بريكس الموحدة اكثر استقرارا من الدولار الأمريكي، حيث ان ذلك قد يكون السبب الرئيسي وراء ازدياد مشتريات المصارف المركزية للذهب لتصل لأعلى مستوى في عام 2022 وخاصة في روسيا والصين حيث سجلت الصين زيادة في وتيرة شراء الذهب شهريا منذ نوفمبر ،2022 وكذلك روسيا حيث ان البنك المركزي الروسي سجل شراء اكثر من 50 طنا من الذهب في عام 2022 ليصبح عشرة اضعاف ما سجلته في عام 2021 وذلك قد يجعل تلك العملة الموحدة الأعلى قيمة في العالم هذا وقد تحتوي السلع التي ستندرج تحت العملة الحديثة على الليثيوم والبوكسيت والنحاس والغاز الطبيعي والبترول والفحم والتي يدخل فيها تقريبا جميع الصناعات، ففي الهند تم اكتشاف حقول جديدة لليثيوم في جامو وكشمير وفي راجستان وتشكل تلك السلع العمود الفقري للعملة الموحدة. لكن يثار الآن تساؤل مفاده ما هي الصعوبات التي قد تواجه إنشاء العملة الموحدة؟
الصعوبات التي قد تواجه انشاء العملة الموحدة[1]
في واقع الحال فان اغلب الاقتصادات الموجودة على مستوى العالم تتماشى مع مبدأ الدولة الواحدة والعملة الواحدة، بمعنى ان لكل دولة موجودة على مستوى العالم لها عملة وطنية يتم التداول والتعامل من خلالها ومن النادر رؤية اكثر من عملة يتم بالتعامل بها في الدولة الواحدة، وكذلك من النادر رؤية اكثر من دولة تتعامل بنفس العملة المالية ولعل اكثر الحالات النقيضة التي ظهرت في الالفية الجديدة هي اليورو الأوروبي والذي تستخدمه اكثر من 20 دولة في أوروبا ويعتبر من اكثر التعاونات النقدية الناجحة على مر التاريخ ويعتبر صورة من أفضل صور التعاون النقدي بين بلدين او اكثر، ولكن واقع الحال يجعل من وجود عملة موحدة حالياً لتكتل البريكس صعب المنال وذلك بسبب وجوب موافقة جميع الأعضاء بالتخلي عن السيادة المالية أي العملة المحلية في صالح انشاء عملة موحدة وبنك مركزي موحد، وعلاوة على ذلك فان محاولة انشاء عملة موحدة فقد تتطلب توافق سياسي واقتصادي بين الدول الأعضاء في بريكس مما قد يجعله امراً معضلاً، وذلك بسبب وجوب تجاوز الخلافات المتواجدة بين الدول الأعضاء مما يقلل من انسجام التحالف مع بعضه البعض وقد يحد من انشاء العملة الموحدة فنجد حالياً ان هناك خلافات سياسية بين دولتين من اهم الدول في التحالف وهم الصين والهند خاصة بعد الحرب الصينية الهندية التي اندلعت على الحدود بين البلدين في عام 1962 وقد كان اخر اشتباك في المجال الحدودي بين البلدين في عام 2020 وذاك النزاع دليل واضح على التوترات بين البلدين، ويرى الخبراء في ذلك صعوبة الاتفاق بين البلدين في انشاء عملة موحدة بينهم، وعلى الرغم من ثقل دول التكتل إلا أن البعض يرى بأنه لا يزال تحالفاً فضفاضاً، حيث يستبعد خبراء المال والاقتصاد أن ينجح التكتل في الاتفاق على إنشاء عملة موحدة مشتركة للعداء التاريخي بين عضوين بارزين بها الهند والصين، فضلاً عن عدم توافر الثقة الكافية بين أعضائها مثلما الحال في الاتحاد الأوروبي، إضافةً أن انشاء عمله موحدة سيتطلب قدراً كبيراً من التضحيات وسط التناقض السياسي والمصالح المتضاربة واعتماد أغلب اقتصادات التكتل في نموه على السوق الأمريكي، فضلاً عن استثمار الفوائض المالية لديه في سندات الخزانة الأمريكية ، وفي تصريحات جديدة للخبير الاقتصادي جيم اونيل حيث يرى جيم بان توحيد العملة بين الدول الأعضاء امر صعب وذلك لاختلاف الاقتصادات بين الدول الأعضاء والعداء التاريخي بين الهند والصين ولذلك فهو يضيف أنه على الغرب أن يعمل على ألا يتفق الهند والصين أبداً لأن اتفاقهما سيؤثر على هيمنة الدولار، وعلى هذا فان العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء لم تأخذ خطوات جادة كالتسهيلات التجارية بينهم مما قد يبعد احتمالية توافق الدول الأعضاء على انشاء عملة موحدة وقد يعمل انضمام الست دول التي وافق على انضمامها الدول الأعضاء التقليل من احتمالية انشاء العملة الموحدة وذلك بسبب اختلاف المصالح بين دول التكتل، وكما يقال إن كان البريكس هو الدجاجة التي ستبيض ذهباً إلا أنها لم تضع أي بيضة حتى الآن.
التحديات التي تواجه التكتل[1]
وهذا التحدي “بإنشاء عملة موحدة” هو من أكبر التحديات التي يواجهها تكتل البريكس فضلاً عن الكثير من التحديات الأخرى والتي يمكن أن نجملها فيما يلي:
- الاختلاف والتباين الكبير بين اقتصادات دول البريكس حيث تختلف دول التكتل بشكل واضح وكبير في حجم اقتصاداتها ومستويات تطورها الاقتصادي حيث تعتبر الصين هي الاقتصاد الأكبر في العالم من حيث القيمة الإجمالية للناتج المحلي، بينما تنافسها الهند في هذا، في الوقت الذي تواجه كل من البرازيل وجنوب أفريقيا تحديات اقتصادية كبيرة، ولهذا التباين والاختلاف يشكل تحدياً كبيراً خاصةً عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار مشترك يجمع التكتل.
- التحديات السياسي والفقر: يعتبر تحدي الاختلاف السياسي الداخلي والاضطرابات السياسية الداخلية و الفساد والفقر الموجودة داخلياً ببعض دول البريكس وعدم الاستقرار تشكل تحدياً كبيراً يواجه بعض من أعضائه قد يؤثر على التكتل وقوته، ولذلك يجب على هذه الدول معالجة هذه القضايا لتحقيق الاستقرار السياسي بها والذي ينعكس بدوره على الاقتصاد وقوته.
- : أو الاختلاف الجيوسياسية والتباعد المكاني بين الأعضاء: من التحديات الكبيرة التي يواجه التكتل حيث أن الأعضاء تتباعد جغرافياً ومكانياً عن بعضها البعض ولا تتبع نظام سياسي موحد فضلاً عن عدم تكاملها تجارياً، كما أنها لا تتخذ نفس المواقف الجيوسياسية
- أن بنك التنمية الجديد والذي يعتبر الهيكل الأساسي للبريكس ليس لديه الكثير من الاستثمارات، فضلاً عن أنه لا يزال لديه عقد من الزمان ليتم تجاوز العقوبات الغربية على روسيا وتعليق البنك مشاركته المالية مع روسيا في مارس 2022 لتهدئة مخاوف المستثمرين.
- استمرار التنافسات الإقليمية بين بعض دول البريكس مثل ما يحدث بين الصين والهند بما قد يعيق عمل التكتل.
على الرغم من هذه التحديات، إلا أن دول البريكس تعمل جاهدة على تعزيز التعاون والتنسيق للتغلب على هذه الصعوبات وتحقيق أهدافها المشتركة. ولا زال الكل ينظر إليه بعين المتطلع لإحداث التوازن في النظام الاقتصادي العالمي.
ولكن يثور تساؤل حول مدى الاستفادة التي ستعود على مصر من الانضمام إلى هذا التكتل؟
تأتي الإجابة عن هذا التساؤل في ظل بحث مصر عن بدائل للدولار، مثل العديد من دول العالم التي يواجهها تحدي فيما يتعلق بـ الدولار حيث إن التعامل بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء في تجمع “بريكس” يساعد مصر في ترشيد سلة عملات الفاتورة الاستيرادية، وتخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة التي تتحمل أعباء ضخمة لتوفير الاحتياجات الأساسية من القمح والوقود، في أعقاب اندلاع الحرب بأوروبا وما ترتب عليها من موجة تضخمية عالمية انعكست في ارتفاع غير مسبوق لأسعار السلع والخدمات، وكذلك زيادة تكلفة التمويل من الأسواق الدولية وتعزيز التجارة والاستثمار حيث يمكن لمصر الاستفادة من فتح أسواق أكبر لمنتجاتها وخدماتها في دول البريكس، وزيادة حجم التجارة المتبادلة مع هذه الدول الكبرى. يمكن أن يساعد هذا على تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل وتمويل الاستثمارات حيث يمكن لمصر الحصول على التمويل والاستثمارات من البنك الجديد للتنمية الذي أسسه تكتل البريكس، مما يسهم في تنفيذ مشاريع تنموية مهمة، وتقوية الدور الإقليمي والدولي بما يمكن أن تزيد من وزنها وتأثيرها على القضايا الإقليمية والدولية. الاستفادة من الاستثمارات الجديد رفع مستوى التبادل التجارى البيني.والتوسع فى الصناعة محليا واستقبال أعداد كبيرة من السياح الاستفادة من التمويلات الميسرة من بنك التنمية رفع مستوى اللوجستيات خاصة الموانئ والطرق البرية و التعاون الثقافي والتعليمي حيث يعمل التنمية على تمويل مشاريع البنية التحتية المادية والرقمية بإفريقيا بالإضافة إلى المشاريع التعليمي .ومكافحة التحديات المشتركة و تبادل التكنولوجيا والابتكار
وقد أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، تحليلا سلط الضوء فيه على قمة “بريكس” والفوائد المحتملة لمصر من عضوية المجموعة نورده على النحو التالي:
وحيث أفاد بإن انضمام مصر لـ”بريكس“، يعد تأكيدا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأضاف أن التقارب مع مجموعة “بريكس” يساعد في “الترويج للإصلاحات التي شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية في السنوات الأخيرة، بالصورة التي ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية”.
وهذا بالإضافة إلي إن “استهداف التكتل تقليل التعاملات البينية بالدولار الأميركي سيخفف من الضغط على النقد الأجنبي في مصر الذي يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، وهو ما يصب في صالح تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية”.
كما إن “وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل البريكس سيمنح فرصا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل يعني استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التي تقترب من التحقق، فيما يخص خلق نظام عالمي يمنح مزيدا من الثقل للدول النامية والناشئة”.
وتعاني مصر، وهي مستورد رئيسي للسلع الأساسية، من أزمة في العملات الأجنبية بعدما تسببت الحرب الأوكرانية في مشكلات كبيرة لاقتصادها. وتراجع الجنيه بنحو 50 بالمئة منذ مارس 2022 بعد أن كشفت الأزمة الأوكرانية عن نقاط ضعف في الاقتصاد المصري.
[1] مجموعة البريكس منظور جديد للتكتلات الدولية تأليف سيدهم لينده مذكرة ماستر رقم: 810 /ع س/ 98
[1] مجلة تكريت للعلوم السياسية العدد 307 دراسة في أبرز الأفكار لمجموعة البريكس م م سجي فتاح زيدان.
القوى الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين ترجمة طوني سعادة عن كتاب لبسكال ريغو سلسلة كتب مترجمة تصدرها دار الفكر العربي الطبعة الأولى بالعربيّة 2015 م –1436
[1] مجلة تكريت للعلوم السياسية العدد 307 دراسة في أبرز الأفكار لمجموعة البريكس م م سجي فتاح زيدان.
القوى الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين ترجمة طوني سعادة عن كتاب لبسكال ريغو سلسلة كتب مترجمة تصدرها دار الفكر العربي الطبعة الأولى بالعربيّة 2015 م – 1436
[1] مجلة تكريت للعلوم السياسية العدد 307 دراسة في أبرز الأفكار لمجموعة البريكس م م سجي فتاح زيدان.
القوى الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين ترجمة طوني سعادة عن كتاب لبسكال ريغو سلسلة كتب مترجمة تصدرها دار الفكر العربي الطبعة الأولى بالعربيّة 2015 م – 1436
[1] مكانة القوى الصاعدة “البريكس” في النظام الدولي دراسة حالة البرازيل لفتحية بلطرش مذكرة مقدمة ضمن متطلبات استكمال شهادة ماستر في العلوم السياسية تخصص: دراسات إقليمية
[1] توسع تجمع البريكس .. الحوافز وحدود الفاعلية أحمد دياب مدير تحرير مجلة الديمقراطية أفاق آسيوية
مؤسسة الأهرام المصرية
https://www.bbc.com/arabic/articles/cxrl7rprxrko موقع BBC
[1] مجلة تكريت للعلوم السياسية العدد 307 دراسة في أبرز الأفكار لمجموعة البريكس م م سجي فتاح زيدان.
القوى الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين ترجمة طوني سعادة عن كتاب لبسكال ريغو سلسلة كتب مترجمة تصدرها دار الفكر العربي الطبعة الأولى بالعربيّة 2015 م – 1436
توسع تجمع البريكس .. الحوافز وحدود الفاعلية أحمد دياب مدير تحرير مجلة الديمقراطية أفاق آسيوية مؤسسة الأهرام المصرية
أهم المراجع:
مكانة القوى الصاعدة “البريكس” في النظام الدولي دراسة حالة البرازيل لفتحية بلطرش
9191- د ا رسة حالة الب ا رزيل 9119
توسع تجمع البريكس .. الحوافز وحدود الفاعلية أحمد دياب مدير تحرير مجلة الديمقراطية أفاق آسيوية
مؤسسة الأهرام المصرية
مجلة تكريت للعلوم السياسية العدد 307 دراسة في أبرز الأفكار لمجموعة البريكس م م سجي فتاح زيدان.
القوى الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين ترجمة طوني سعادة عن كتاب لبسكال ريغو سلسلة كتب مترجمة تصدرها دار الفكر العربي الطبعة الأولى بالعربيّة 2015 م – 1436
تجمع البريكس والقوى الاقتصادية الصاعدة لإسلام إبراهيم حسني باحث ماجستير العلوم السياسية كلية الدارسات الاقتصادية والعلوم السياسية – جامعة الإسكندرية.
أهم المواقع
موقع العربية سكاي نيوز
موقع الجزيرة
موقع بي بي سي